نافلةٌ باعتارِ أنَّها قَدْرٌ زائدٌ عمَّا في أيدِيهِم؛ فصارَتِ الأنفالُ بمعنى الفَيْءِ عند الفُقهاءِ؛ كما صارَ كلُّ المالِ نَفَلًا، صحَّ أنَّ الأنفالَ هي كلُّ مالٍ مُغتنَمٍ مِن الكفارِ بقتالٍ أو غيرِهِ؛ عن ابنِ عبَّاسٍ وجماعةٍ مِن أصحابِه.
وقد جاء عن ابنِ عبَّاسٍ: حملُ الأنفالِ على معنًى خاصٍّ، وهو ما يُعطيهِ الإمامُ الغارِيَ أو غيرَهُ مِن الغنيمةِ بعدَ قِسْمتِها (١).
وقد امتَنَّ اللهُ على المُسلِمينَ بحِلِّ الغنائمِ ولم تكنْ مباحةً مِن قبلُ لأحدٍ مِن الأُمَمِ؛ ولذا سمَّاها اللهُ نافلةً؛ لإظهاَرِ أنَّها ليستْ فيمَن قبَلَهم كذلك، فجاءتْ زائدةً على شريعةِ مَن سبَقَ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي) (٢).
ومنهم: مَن جعَلَ الأنفالَ الخُمُسَ؛ لأنَّه قدرٌ زادَ عن المفروضِ للغازي؛ وبهدا قال مجاهدٌ (٣)؛ وهو قولُ مالكٍ.
ومنهم: مَن جعَلَ الأنفالَ كلَّ ما زادَ مِن المالِ المضروبِ لبعضِ السَّرَايَا ممَّا تزيدُ به على الجيشِ المُقاتِلِ؛ لخصيصةٍ فيها؛ مِن شدَّةِ بأسٍ، وخطورةِ مكانٍ، وتتبُّعِ للعدوِّ وتربُّصٍ به، ويدخُلُ في ذلك سَلَبُ القتيلِ؛ فسُمِّيَ ذلك نَفَلًا؛ لأنَّه قَدْرٌ زائدٌ عن الغنيمةِ التي يَشْرَكُونَ فيها غيرَهم؛ صحَّ هذا المعنى عن ابنِ عبَّاسٍ؛ رواهُ القاسمُ بن محمدٍ عنه؛ أخرَجَهُ عبدُ الرزَّاقِ والطبري (٤).
ويَلحَقُ بهذا المعنى كلُّ زيادةٍ يَريدُها الإمامُ لأحدٍ مِن المُقاتِلِينَ لخصيصةٍ استحَقَّ بها ذلك؛ فإنَّه يجوزُ للإمامِ أنْ يَزيدَ العطاءَ للسَّريَّةِ أو
(١) "تفسير الطبري" (١١/ ٩)، و "تفسير ابن كثير" (٤/ ٦).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).
(٣) "تفسير الطبري" (١١/ ١٠).
(٤) "تفسير عبد الرزاق" (٢/ ١٠٨)، و "تفسير الطبري" (١١/ ٩).