للجيشِ أو لبعضِهم؛ لخصيصةٍ فيه، لا لمجرَّدِ الهوى والقُرْبَى؛ ففي "الصحيحَيْنِ" عن ابنِ عمرَ - رضي الله عنهما -؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِرًا، أَو أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا (١).
فجعَل النافلةَ ما زادَ عن سِهَامِهم في الغنيمةِ؛ وذلك أنَّ الأنفالَ هي كلُّ إحسانٍ وفضلٍ فعَلَهُ فاعلٌ لأحدٍ تفضُّلًا منه عليه مِن غيرِ أنْ يجبَ ذلك على الفاعل، وسُمِّيَ ما أُعطِيَ فوقَ الغنيمةِ نَفَلًا؛ لأنَّه قَدْرٌ زادَ به على غيرِه مِن الجيشِ.
ومنهم: مَن خصَّصَ الغنيمةَ بما أُخِذَ بقوَّةٍ وغَلَبةٍ وقتالٍ وقهرٍ للمُشرِكِينَ، وما خرَجَ عن ذلك كالبعيرِ الشاردِ والفرسِ الشاذّ، فكلُّه نَفَلٌ؛ صحَّ هذا عن عطاءٍ (٢)، وبه فسَّرَهُ أبو عُبَيْدٍ القاسمُ بن سلَّامٍ.
وهذا قد يُرادُ في الآية، لا في جميعِ مواضعِ ما سمَّاهُ الشارعُ نَفَلًا؛ فقد كانتِ الغنيمةُ تُسمَّى نَفَلًا؛ كما في "الصحيحينِ"؛ مِن حديثِ ابنِ عمرَ؛ قال: "قَسَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّفَلَ: لِلْفَرَسِ سَهْمَيْن، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا" (٣).
ومنهم: مَن جعَلَ الأنفالَ هي الخُمُسَ فقطْ، وجعَلَها معلومةً قبلَ آيةِ الغنيمة، وأنَّ السؤالَ كان عنها؛ صحَّ هذا مِن مُرسَلِ مجاهدٍ، رواهُ عنه ابنُ أبي نَجِيحٍ (٤).
ومَن نظَر إلى معنى الأنفال، وجَدَ أنَّ لها معنًى خاصًّا ومعنًى عامًّا،
(١) أخرجه البخاري (٣١٣٤)، ومسلم (١٧٤٩).
(٢) "تفسير الطبري" (١١/ ٧).
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٢٨)، ومسلم (١٧٦٢).
(٤) "تفسير الطبري" (١١/ ١٠).