لهم مِن جُهَيْنَةَ" (١).
الثاني: يجوزُ؛ وهو قولُ أبي حَنِيفةَ، والشافعيِّ، والأوزاعيِّ، والليثِ، والثوريِّ، وابنِ المبارَكِ، وإسحاقَ، وهو قولُ فُقَهاءِ السلفِ؛ كعطاء بنِ أبي رَبَاحٍ، والشَّعْبيِّ، والحسنِ، وقتادةَ، والزُّهْريِّ، والنَّخَعيِّ؛ صحَّ القولُ عنهم جميعًا.
وذلك لِمَا رَوَى أحمدُ والبخاريُّ ومسلمٌ، عن ميمونةَ: أنَّه تُصُدِّقَ على مولاةٍ لِمَيْمُونةَ بشاةٍ، فماتتْ، فمرَّ بها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (هَلَّا أخَذْتُمْ إِهَابَهَا، فَدَبَغْتُمُوهُ، فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ! )، فقالوا: إنَّها مَيْتةٌ؟ ! فقال: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا) (٢)، واللفظُ لمسلمٍ.
وما في "الموطَّإِ"، و"المسندِ"، و"السننِ" - إلا التِّرمِذيَّ - عن عائشةَ - رضي الله عنها -: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ أنْ يُستمتعَ بجلودِ الميتةِ؛ إذا دُبِغَتْ" (٣).
وما في "موطَّإِ مالكٍ"، و"صحيحِ مسلمٍ"، وغيرِهما؛ من حديثِ ابنِ عباسٍ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: (إِذَا دُبغَ الْإِهَابُ، فَقَدْ طَهُرَ) (٤).
وروى عبدُ الرزَّاقِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ؛ قال: قال عطاءٌ: "ما نستمتعُ مِن المَيْتةِ إلا بِجُلُودِها إذا دُبِغَتْ؛ فإنَّ دِبَاغَها طهورُهُ وذَكاتُهُ" (٥).
وكَرِهَ عطاءٌ، والحسنُ، والنَّخَعيُّ: بيعَ جلودِ الميتةِ ولو دُبِغَتْ، وجوَّزُوا الانتفاعَ بها (٦).
(١) المصدر السابق.
(٢) أخرجه أحمد (٢٦٧٩٥) (٦/ ٣٢٩)، والبخاري (١٤٩٢) (٢/ ١٢٨)، ومسلم (٣٦٣) (١/ ٢٧٦).
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (١٨) (٢/ ٤٩٨)، وأحمد (٢٤٧٣٠) (٦/ ١٠٤)، وأبو داود (٤١٢٤) (٤/ ٦٦)، والنسائي (٤٢٥٢) (٧/ ١٧٦)، وابن ماجه (٣٦١٢) (٢/ ١١٩٤).
(٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (١٧) (٢/ ٤٩٨)، ومسلم (٣٦٦) (١/ ٢٧٧).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢٠١) (١/ ٦٥).
(٦) ينظر: "مصنف عبد الرزاق" (١٩٤، ١٩٦، ١٩٧) (١/ ٦٤).