عليها ممَّا تَحمِلُهُ عادةً؛ كآلةِ الحَرْثِ التي تَجُرُّها وشِبْهِها، وقد ثبَتَ في "الصحيحَيْن"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ، قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ، فَقَالَتْ: إنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا؛ وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ)، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ -تَعَجُّبًا وَفَزَعًا- أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) (١).
وأمَّا الإبلُ: فيجوزُ اتِّخاذُها لحملِ الأثقالِ والركوبِ بلا خلافٍ.
ويُكرَهُ البقاءُ على ظهورِ الدوابِّ بلا سَيْرِ وحاجةٍ، فإنَّ ذلك يُؤذِيها، والركوبُ مع الحركةِ يسيرٌ عليها، وقد روى أبو داودَ في "سُننِه"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ قال: (إِيَّاكُمْ أنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ) (٢).
ويُروى مِن حديثِ معاذٍ الجُهَنِيِّ: "لَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ"؛ رواهُ أحمدُ (٣).
ولا يُشكِلُ على ذلك وقوفُهُ على ظَهْرِ دَابَّتِهِ في عَرَفةَ ويومَ النَّحْرِ؛ وذلك لأنَّه وقَفَ موقفًا يُرِيدُ أن يراهُ الناسُ فيَقتدُوا به، لا أن يَستتِرَ عنهم؛ وهذا مِن المَصالحِ التي تفوقُ ركوبَ الإبلِ بالسَّيْرِ بها والحَمْلِ عليها.
والمرادُ: كراهةُ إيذاءِ البهائِم وتكليفِها ما لا تُطِيقُ، وعدمُ استعمالِها بغيرِ حاجةٍ وضرورةٍ، وقد رَوَى أَحمدُ؛ مِن حديثِ أبي الدَّرداءِ مرفوعًا: (لَوْ غُفِرَ لَكُمْ مَا تَأْتُونَ إِلَى الْبَهَائِمِ، لَغُفِرَ لَكُمْ كَثِيرًا)، ورُوِيَ موقوفًا (٤)؛ والموقوفُ أصحُّ.
(١) أخرجه البخاري (٣٦٦٣)، ومسلم (٢٣٨٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٥٦٧).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٤٣٩).
(٤) أخرجه أحمد (٦/ ٤٤١).