مباحٌ، لأنَّ أصلَيْهِ مباحانِ، وأمَّا إنْ تولَّدَ مِن أصلَيْنِ أحدُهما مباحٌ والآخَرُ محرَّمٌ؛ كالحمارِ الأهليِّ والفرسِ، فقد حكَى الاتِّفاقَ غيرُ واحدٍ على تحريمِ أكلِه، وقد رَوَى أبو داودَ؛ مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنهما-؛ قال: "ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ، وَالْبِغَالَ، وَالْحَمِيرَ، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ البِغَالِ وَالْحَمِيِرِ، وَلَمْ يَنْهَنَا عَنِ الْخَيْلِ" (١).
وقد سُئِلَ قتادةُ عن البغالِ؟ فقال: وهل هي إلَّا حمارٌ؟ (٢).
وعلى هذا عامَّة السلفِ، وعن مالكٍ قولانِ: الكراهةُ المغلَّظةُ، والتحريمُ، ومحقِّقو أصحابِهِ يقولونَ بالتحريمِ.
وقد اختلَفَ الفقهاءُ في الحيوانِ المتولِّدِ مِن أصلَيْنِ محرَّمٍ ومباحٍ كالغلِ:
فمنهم: مَن يغلِّبُ التحريمَ مطلقًا؛ وهم الجمهورُ.
ومنهم: مَن يجعلُهُ يَتْبَعُ أُمَّه مطلقًا؛ وهو قولُ أهلِ الرأي مِن الحنفيَّةِ، ويختلفُ قولُهم بحسَب خِلافِهم في الأمِّ؛ فالبغلُ الذي أمُّه أَتَانٌ يحرُمُ أكلُ لحمِه؛ لأنَّه تَبَعٌ لأمِّه، والذي أمُّه فرسٌ فيَختلِفونَ فيه على خلافِهم في أكلِ الخيلِ؛ فهو مكروهٌ عندَ أبي حنيفةَ، ومباحٌ عندَ صاحبَيْهِ أبي يوسُفَ ومحمدِ بنِ الحسَنِ.
والأظهَر: أنَّه يغلِبُ عليه التحريمُ؛ وهذا عامٌّ في كلِّ مَن كان منه التولُّدُ مِن أصلَيْنِ مختلفَيْن مِثلُ السِّمْعِ الذي يكونُ متولِّدَا بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ، والعِسْبَارِ المتولِّدِ بينَ الضِّبْعَانِ والذِّئْبةِ.
* * *
(١) أخرجه أحمد (٣/ ٣٥٦)، وأبو داود (٣٧٨٩).
(٢) "المغني" (١٣/ ٣١٩).