صَلَاتَيْنِ، فَقَبِلَ مِنْهُ"؛ رواهُ أحمدُ (١).
ولم يكنِ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيُقِرَّهُ على الكفرِ، وإنَّما قَبِلَ منه الإسلامَ ولو كان مُسرِفًا على نفسِهِ أهوَنَ مِن بقائِهِ على الكفرِ.
وإنَّما اختلَفَ العلماءُ في تفسيرِ ما أُطلِقَ مِن كلامِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والصحابةِ والتابعينَ ومرادِهم في كفرِ تاركِ الصلاةِ، فمنهم مَن حمَلَهُ على الكفرِ الأكبرِ، ومنهم مَن حمَلَهُ على الأصغرِ.
والمعروفُ عن أحمدَ والمشهورُ عندَ الأصحابِ: كفرُ تاركِ الصلاةِ، وليس في كلامِ أحمدَ ما يُخالِفُ ذلك، وعامَّةُ الرُّواةِ عنه ينقُلُونَ كفرَ تاركِ الصلاةِ، وأمَّا ما نقَلَهُ عنه صالحٌ في "المسائلِ" أنَّه سأَلَهُ عن زيادةِ الإيمانِ ونُقصانِه، فقال له: كيف يَزِيدُ ويَنقُصُ؟ قال: زيادتُه بالعملِ، ونقْصانُه بتركِ العملِ؛ مِثْلُ تركِهِ الصلاةَ والزكاةَ والحجَّ وأداءَ الفرائضِ (٢).
فهذا لا يُخالِفُ ما تقدَّم تقريرُه؛ وذلك أنَّ أحمدَ أخرَجَ حديثَ نصرِ بنِ عاصمٍ في "مسندِه"، وظاهرُه: أنَّه لا يُخالِفُه، فالنُّقْصانُ يكونُ بتركِ صلواتٍ، لا تركِ الصلاةِ كلِّها.
وقد اختَلَفَ القولُ في ذلك عن مالكٍ والشافعيِّ؛ فنُقِلَ عنهم الكفرُ وعدمُهُ، وإن لم يأتِ عنهما نصٌّ في التصريحِ، وإنَّما هي حكاياتٌ مِن الأئمَّةِ عنهم، والمشهورُ في المَحْكِيِّ عنهما في تاركِ الصلاةِ: أنَّ كفرَهُ ليس بأكبَرَ.
وأمَّا أبو حنيفةَ، فجماهيرُ أصحابِهِ ينقُلُونَ عنه عدمَ الكفرِ.
وفي كتابِ "صفةِ صلاةِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-" مزيدُ كلامٍ على هذه المسألةِ.
* * *
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣٦٣).
(٢) "مسائل الإمام أحمد"، رواية ابنه صالح (٢/ ١١٩).