أوامرِه، واجتنابِ نواهيه؛ قاله مجاهدٌ والربيعُ، وابن جُرَيْجٍ وابنُ المبارَكِ (١).
الثَّاني: دعاءُ المسألةِ، وهو الذي تُختَمُ به الأعمالُ غالبًا بطَلَبِ القَبُولِ والاستغفارِ من النَّقْصِ، وما يسبِقُ العبادةَ ويصاحِبُها مِن دعاءٍ للهِ بطلبِ العَوْنِ والتسديدِ يدخُلُ في هذا النوعِ.
وقد جعَلَ اللهُ السؤالَ في الآيةِ بمعنى الدعاءِ، فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي}، ثمَّ قال: {دَعْوَةَ الدَّاعِ}.
استحبابُ الدعاءِ عند ختامِ الأعمالِ:
وقد أخذَ بعضُ الأئمةِ مِن الآيةِ استحبابَ الدُّعاءِ عندَ ختامِ العملِ الصالحِ، وخاصَّةً الصيامَ، وهذا يؤيِّدُه الأحاديثُ الواردةُ في البابِ في دعاءِ الصائمِ عندَ فِطْرِه، وهي - مع ضَعْفِها - يقترِنُ بعضُها ببعضٍ؛ فيؤكِّدُ بعضُها بعضًا، والأصولُ دالَّةٌ على استحبابِ الدعاءِ بالقَبُولِ عَقِبَ العملِ سِرًّا؛ وذلك لأنَّ الأصلَ في الدعاءِ السِّرُّ؛ لقولِهِ تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} الأعراف: ٥٥، ولقولِه في الآيةِ: {فَإِنِّي قَرِيبٌ} قرينةً على استحبابِ دعاءِ السِّرِّ، فالسرُّ والعلَنُ عندَ اللهِ سواءٌ، والإسرارُ أقربُ إلى الإخلاصِ؛ فاللهُ يُحِبُّ دعاءَ الخَفَاءِ؛ لأنَّه لا يُناجِيهِ منفرِدًا إلَّا مَن هو موقِنٌ بقُرْبِه.
والذِّكْرُ العامُّ والدعاءُ بعدَ العباداتِ مستحَبٌّ؛ شرَعَهُ اللهُ في كثيرٍ مِن العباداتِ؛ كالصلاةِ - وكذلك الصيامُ هنا - والحجِّ؛ كما في قولِهِ: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} البقرة: ٢٠٠.
وفي الآيةِ: دليلٌ على أنَّ إجابةَ اللهِ للداعي العابِدِ المُتَّبِعِ أقربُ من العاصي المخالِفِ؛ ولذا قال: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي}؛ أي: فإنِ استجابوا
(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٢٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣١٥).