قال ابنُ عبَّاسٍ: "بأيِّها أخَذْتَ أجزَأَك"؛ رَواهُ لَيْثٌ، عن مجاهِدٍ، عنه؛ أخرَجَهُ ابنُ أبي حاتمٍ (١).
وقال به مجاهِدٌ وعِكْرِمةُ وعطاءٌ، وطاوُسٌ والحسَنُ والنَّخَعيُّ وغيرُهم.
والصيامُ ثلاثةُ أيَّامٍ، والإطعامُ لِسِتَّةِ مساكينَ، والفِدْيةُ أدناها شاةٌ؛ لما ثبَتَ في "الصحيحَيْنِ"، عن كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ - رضي الله عنه -، عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنَّهُ قالَ: (لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟ )، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ) (٢).
قولُه: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}:
المرادُ إذا أَمِنَ الإنسانُ ممَّا يمنعُهُ مِن الإتيانِ بنُسُكِهِ كما أمَرَهُ اللهُ به؛ سواءٌ مَنْعًا تامًّا, وهو الإحصارُ بعدوٍّ أو مَرَضٍ حابسٍ، أو كان الإنسانُ صحيحًا آمِنًا مِن كلِّ أذًى في رأسِهِ أو نفسِهِ يُلزِمُهُ ارتكابَ المحظوراتِ؛ فإنَّه لا يجِبُ عليه عندَ التمتُّعِ إلَّا هَدْيٌ واحدٌ ممَّا تيسَّر.
ومِن المفسِّرينَ: مَن فَسَّرَهُ بالأمانِ مِن الإحصارِ؛ وهو قولُ ابنِ الزُّبَيْرِ؛ رواهُ عنه عطاءٌ.
والأرجَحُ عمومُ الأمانِ؛ وهذا هو المعروفُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ وغيرِهِ؛ كما رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ، عنِ ابنِ جُرَيْجٍ؛ قَالَ: "قُلْتُ لِعَطَاءٍ: "أَكَانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ}؛ أَمِنْتَ أَيُّهَا المُحْصَرُ، وَأَمِنَ النَّاسُ، {فَمَنْ تَمَتَّعَ}؟ فَقَالَ: لم يَكُنِ ابنُ عَبَّاسٍ يُفَسِّرُهَا كَذَا، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: تَجْمَعُ هَذِهِ الآيَةُ - آيَةُ المُتْعَةِ - كُلَّ ذلك؛ المُحْصَرَ وَالمُخَلَّى سَبِيلُهُ" (٣).
(١) تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٣٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٨١٤) (٣/ ١٠)، ومسلم (١٢٠١) (٢/ ٨٥٩).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٤٠).