أنَّها أفضلُ من الأَبْعَدِينُ، بل دَلَّ الدليلُ أنَّ الهديَّةَ على الأقرَبِينَ أفضلُ مِنَ الصدقةِ على الأبعَدِينَ مِن غيرِ سرَفٍ في قريبٍ، ولا مَسْغَبَةٍ في بعيدٍ.
ولم يذكُرِ اللهُ النفقةَ على النَّفْسِ؛ للعِلْمِ بها، فالنفسُ أحقُّ بمالِ صاحِبِها مِنْ غيرِه، والمرادُ: الكفايةُ، وسدُّ الحاجةِ، وقِوَامُ البَدَنِ، وسَتْرُ العورةِ، وسَتْرُ النفْسِ عن السؤالِ، وقد جاء في الحديثِ في "الصحيحِ"، عن جابرٍ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (ابْدَأْ بنَفْسِكَ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ، فَهَكَذَا وَهَكَذَا)؛ يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ (١).
ثمَّ بعدَ سَدِّ ضرورةِ النفسِ يُنفِقُ على الأقرَبِينَ، وأعظَمُهُمُ الوالدانِ بلا خلافٍ، ثمَّ أحقُّهُمْ في ذلك، وهم الأولَادُ والزَّوجةُ، فالإخوةُ والأخواتُ، والأعمامُ والأخوالُ.
وفي "الصحيحَيْنِ"؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ) (٢).
وروى النَّسَائيُّ؛ مِن حديثِ طارقٍ المُحَارِبِيِّ؛ قال: قَدِمْنَا المدينةَ فإذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ على المِنْبرِ يخطُبُ الناسَ وهو يقولُ: (يَدُ المُعْطِي العُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) (٣).
وفي "المسندِ"؛ مِن حديثِ أبي رِمْثَةَ بنحوِهِ (٤).
إعطاءُ الزكاةِ للأقرَبِينَ:
وهذه الآيةُ في النفقةِ عامَّةً، فليست في أحكامِ الزكاةِ ومصارفِها،
(١) أخرجه مسلم (٩٩٧) (٢/ ٦٩٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٢٧) (٢/ ١١٢)، ومسلم (١٠٣٤) (٢/ ٧١٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٣٢) (٥/ ٦١).
(٤) أخرجه أحمد (٧١٠٥) (٢/ ٢٢٦).