به؛ اثنتَيْنِ أو ثلاثًا، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ المشهورُ عنه؛ رواهُ عنه سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ ومجاهِدٌ وعطاءٌ وعمرُو بنُ دينارٍ؛ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ كان يُفتِي بوقوعِ الطلاقِ الثلاثِ.
روى عبد الرَّزَّاق والبيهقيُّ؛ مِن حديثِ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ؛ أنَّ رجلًا جاء إلى ابنِ عبَّاسٍ، فقال: طلَّقْتُ امرأتي أَلْفًا، فقال: "تأخُذُ ثلاثًا، وتدَعُ تِسْعَ مِئةٍ وسَبْعةً وتِسعينَ" (١).
وروى مسلمٌ؛ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قال: "كان الطلاقُ على عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بَكْرٍ وسنتَيْنِ مِن خلافةِ عُمَرَ: طَلَاقُ الثَّلَاثِ واحدةً، فقال عُمَرُ: إنَّ النَّاسَ قدِ استَعْجَلُوا في أمرٍ كان لهم فيه أنَاةٌ، فلو أَمْضَيْناهُ عليهم، فأَمْضَاهُ عليهِم" (٢).
وحمَلَ الشافعيُّ وغيرُهُ ما قال به ابنُ عبَّاسٍ على احتمالِ وقوفِهِ على نَسْخٍ للحديثِ المرفوعِ؛ واستَدَلَّ لذلك بما أخرَجَهُ أبو داودَ؛ مِن طريقِ عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ قال: "كان الرَّجُلُ إذا طلَّقَ امرأتَهُ، فهو أحقُّ برَجْعَتِها وإنْ طلَّقَها ثلاثًا، فنُسِخَ ذلك" (٣).
ويبعُدُ أن يكونَ الحُكْمُ منسوخًا فيُقضى فيه في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى وفاتِهِ، وفي خلافةِ أبي بكرٍ كلِّها، وفي صدرٍ مِن خلافةِ عُمَرَ، ثمَّ لا يُؤخَذُ به إلَّا متأخِّرًا.
ويبعُدُ أن يَظهرَ الحُكْمُ زمنًا، ويَخفى النَّسْخُ زمنًا أطولَ منه، فالنسخُ حُكْمٌ يَجبُ ثبوتُهُ وقوَّتُهُ واشتهارُهُ شرعًا كثبوتِ الحُكْمِ قَبْلَه، ويبعُدُ أن
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١١٣٥٠) (٦/ ٣٩٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٣٧).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٧٢) (٢/ ١٠٩٩).
(٣) أخرجه أبو داود (٢١٩٥) (٢/ ٢٥٩)، والنسائي (٣٥٥٤) (٦/ ٢١٢).