النفقةُ والسكن للمتوفَّى عنها:
وأمَّا المُتْعةُ بالنفقةِ حولًا، فهو وإنْ لم يُذكَرُ في آيةِ عِدَّةِ المتوفَّى عنها زَوْجُها، فآياتُ المواريثِ ناسِخةٌ له، كما قال ذلك ابنُ عبَّاسٍ؛ فللزوجةِ الثُّمُنُ مع الأولادِ، ولها الرُّبُعُ مع عَدَمِهِم؛ وذلك أنَّ المُتْعةَ بالنفقةِ حقٌّ ماليٌّ، وهذا يتضمَّنُ الميراثَ؛ الزوجةُ أُسْوةُ الورثةِ في ذلك، لا تختصُّ عنهم بشيءٍ.
والسُّكْنَى حولًا: هل تأخُذُ حُكْمَ النفقةِ؛ فيقالَ بنسخِها بآيةِ الميراثِ؟ على قولَيْنِ، والنسخُ أشهرُ وأظهرُ.
قال عطاءٌ: جاء المِيرَاثُ فنسَخَ السُّكْنَى، فتعتدُّ حيثُ شاءت ولا سُكْنَى لها.
وقال به مجاهِدٌ (١).
ولكنَّ السُّكْنَى المنسوخةَ: ما كان في الآيةِ، وهو الحَوْلُ، وأمَّا السُّكْنَى زمنَ العِدَّةِ، وهي أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، فليستِ المطلَّقاتُ بأَوْلَى بحقِّ السُّكْنَى مِن المتوفَّى عنها زوجُها، واللهُ تعالى يقولُ في الطلاقِ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ١.
وهذا في المعتدَّةِ بطلاقٍ، والمُعتدَّةُ بوفاةٍ في معناها، بل أَوْلَى منها، ويدلُّ على ذلك: حديثُ الفُرَيْعَةِ بنتِ مالكِ بنِ سِنَانٍ لمَّا توفِّي عنها زوجُها، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ)، فاعتَدَّتْ فيه أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا، وقَضَى به عثمانُ بعدُ؛ أخرَجَهُ مالكٌ وأبو داودَ والتِّرْمِذيُّ (٢).
(١) "صحيح البخاري" (٦/ ٣٠).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (عبد الباقي) (٨٧) (٢/ ٥٩١)، وأبو داود (٢٣٠٠) (٢/ ٢٩١)، والترمذي (١٢٠٤) (٣/ ٥٠٠).