يَظهَرُ؛ وذلك أنَّها سمَّتْهُ عندَما عرَفتْ جنسَهُ ذَكَرًا أم أنثى، وقرينةُ تأكيدِ ذلك قولُها: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}، فسمَّتْها وعوَّذَتْها، والتعويذُ يكونُ في أولِ الولادةِ غالبًا.
وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسمِّي المولودَ عدَ تحنيكِهِ؛ كما ثبَتَ في "الصحيحِ"، عن أنسٍ وغيرِهِ، وقد سمَّى ولدَهُ إبراهيمَ يومَ ولادتِه؛ كما في "صحيحِ مسلمٍ"؛ قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبي إِبْرَهِيمَ) (١).
والتسميةُ قبلَ الولادةِ لا بأسَ بها، عندَ معرفةِ جنسِ المولودِ، أو يُسمِّيهِ إنْ كان ذَكَرًا ففلانٌ، وإن كانت أنثى ففلانةُ، وقد بَشَّرَ اللهُ مريمَ بعيسى، وسمَّاهُ لها قبلَ ولادتِهِ؛ قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} آل عمران: ٤٥.
وفي بشارةِ اللهِ لزكريَّا بولدِه وتسميتِه له يَحْيَى قبلَ حَمْلِ أمِّه به: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} آل عمران: ٣٩.
وقد بشَّرَ اللهُ إبراهيمَ وزَوْجَهُ بابنِهما، وسمَّاهُ إسحاقَ، وبابنِ الابنِ قبلَ ولادةِ الابنِ، وسمَّاهُ يعقوبَ؛ قال اللهُ: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} هود: ٧١.
وقد جاء في "المسنَدِ"؛ مِن حديثِ سعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ، وأَبَانَ العَطَّارِ؛ كلاهُما عن قتادةَ، عن الحسنِ, عن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ، عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: (كلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ، تذبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، ويُسَمَّى) (٢).
ورواهُ همامٌ، عن قتادةَ، به، لكنْ قال: "وَيُدَمَّى"، بدلًا مِن
(١) أخرجه مسلم (٢٣١٥) (٤/ ١٨٠٧).
(٢) أخرجه أحمد (٢٠١٣٩) (٥/ ٧).