"الصحيحِ"؛ مِن حديثِ جابرٍ؛ قال: أرسَلَني رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مُنطلِقٌ إلى بَنِي المُصْطَلِقِ، فأتيتُهُ وهو يُصلِّي على بعيرِه، فكلَّمْتُه، فقال لي بيدِه هكذا (١).
وما جاء عن أنسٍ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كان يُشيرُ في الصلاةِ (٢).
وجاء ذلك من حديثِ أُمِّ سَلَمَةَ وابنِ عمرَ وغيرِهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
والحديثُ الذي يَمْنَعُ مِن ذلك مُنكَرٌ؛ فقد رواهُ أبو داودَ؛ مِن حديثِ أبي غَطَفَانَ، عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ - يَعنِي: فِي الصَّلاةِ - وَالتَّصفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَن أشَارَ في صَلَاِتِهِ إِشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ، فَلْيُعِدْ لَهَا)؛ يَعْنِي: الصَّلَاةَ (٣).
وهو حديثٌ مُنكَرٌ، قال أبو داودَ: "هذا الحديثُ وهمٌ".
ورَدَّهُ أحمدُ وأبو زُرْعةَ والدارقطنيُّ وغِيرُهم.
الكلامُ في الصلاةِ أشدُّ من الحركةِ:
والحركةُ أخفُّ مِن الكلامِ في الصلاةِ؛ لأنَّ الكلامَ يَشغَلُ القلبَ وَيَصرِفُ الذهنَ؛ فالكلامُ عادةً يكونُ مع الناسِ، والمُتكلِّمُ لا ينشغلُ بغيرِ كلامِه، وأمَّا الحركةُ، فقد يفعلُها الإنسانُ لنفسِه كَحَكٍّ، أو لغيرِه كَحَمْلٍ، كما حمَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمَامَةَ بنتَ زينبَ وهو يُصلِّي، ويمكنُ الجمعُ بينَ حضورِ القلبِ والحركةِ؛ كحكٍّ وحملٍ، ولا يمكنُ الجمعُ بينَ حضورِ القلبِ والكلامِ مع الناسِ؛ لهذا شُدِّدَ في الكلامِ، وخُفِّفَ في الحركةِ في الصلاةِ.
بذلُ السلامِ على المصلِّي وردُّ المصلِّي:
وأمَّا بَذْلُ السلامِ على المُصلِّي، فمستحَبٌّ على قولِ جمهورِ الفقهاءِ
(١) أخرجه مسلم (٥٤٠) (١/ ٣٨٣).
(٢) أخرجه أحمد (١٢٤٠٧) (٣/ ١٣٨)، وأبو داود (٩٤٣) (١/ ٢٤٨).
(٣) أخرجه أبو داود (٩٤٤) (١/ ٢٤٨).