لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ, وَلَا يُزَكِّيهِمْ, وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثلَاث مرارٍ، قَالَ أبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، من هُم يَا رَسُولَ اللهِ؟ ! قَالَ: (المسبِلُ، وَالمَنَّانُ، وَالمنَفقُ سِلعتهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ) (١).
كفارةُ العهدِ واليمين الغموس:
واللهُ ذَكَرَ كفَّارةَ الأيْمان، ولم يذكُرْ كفارةَ العهدِ واليمينِ الغموسِ؛ كما في قولِه تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} المائدة: ٨٩ , وفرَّقَ الله بينَ العهدِ واليمينِ هنا، فجعلَ العهدَ أعظمَ وَيلحَق به اليمين الغموسُ، وقد اختلَفَ العلماء في حُكْمِ الكفارةِ في اليمنِ الغموسِ:
القول الأولُ: قول جمهورِ الفقهاءِ؛ كمالكٍ وأبي حنيفةَ والثوري وأحمدَ: أنّه لا كفارةَ فيها, لأنَّ اللهَ لما ذَكَرَ العهدَ - وهو يمين غموسٌ - رهَّبَ وخوَّفَ وتوعَّدَ، ولم يَذكُرِ الكفارةَ، كما ذكَرَها في الأَيمانِ، وهذا ظاهر في حديتِ ابن مسعود في قصةِ الأشعثِ؛ حيثُ قال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبرٍ، يَقتطعُ بها مَالَ امرِئٍ مُسْلِمٍ هوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقيَ اللهَ وَهُوَ عليه غضْبانُ) (٢)، ولم يأمُر بالكفارةِ لِعظمها، روى ابن المنذرِ عن ابنِ المسَيَّبِ؛ قال: "اليمينُ الفاجرةُ من الكبائرِ" (٣).
وقد توعَّد الله قائلَها بأنَّه لا خَلاقَ له في الآخِرةِ؛ أيْ: لا نَصِيبَ له.
وقال بأنه لا كفارةَ في اليمينِ الغموسِ جماعةٌ مِن السلفِ؛ كابنِ عباسٍ، فقد روى الطبري، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ:
(١) أخرجه مسلم (١٠٦) (١/ ١٠٢).
(٢) أخرجه البخاري (٤٥٤٩) (٦/ ٣٤)، ومسلم (١٣٨) (١/ ١٢٢).
(٣) "الأوسط" لابن المنذر (١٢/ ١٣٨ ط. دار الفلاح).