القاعدةِ جماعةٌ مِن العلماءِ؛ كابنِ تيميةَ وابن رجبٍ وغيرِهما، ومسألةُ الصلاةِ تحتاج إلى بسطٍ ليس هذا محلَّه.
ويأتي الكلام على كفارة قتل العَمدِ في موضعه بإذنِ اللهِ.
والأرجحُ: عدم وجوبِ الكفارة في اليمينِ الغموسِ؛ لأنه قولُ عامةِ الصحابةِ وأكثرِ التابعينَ، كابنِ مسعودِ وابنِ عباسٍ وحمَّادِ بن سَلَمَةَ.
ولأنَّ اللهَ ذكَرَ كفارةَ الإيمانِ في غيرِ سياقِ العمدِ بالكذبِ، ولما ذكَرَ اليمينَ الغموسَ في هذا الموضعِ وغيرِه، لم يذكرِ الكفارةَ فيها، ومجرَّدُ اليمينِ لا يجعلُ فيها كفارة، كاليمينِ مع الاستثناءِ: لا كفارةَ فيها وهي يمين.
وهكذا في أحاديث الوعدِ مِن اليمينِ الغموسِ لا يُذكَر معها كفارة، والأحاديث فيها متواتِر في النهي عنها والشديدِ على فاعِلِها مِنِ غيرِ ذِكرِ كفارةٍ في واحدٍ منها؛ ومن ذلكَ ما روى جابر عن النبي, أنّه قال: (مَنْ حَلَف عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ، تبوَّأَ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ) (١).
وفي الباب عن ابنِ مسعودٍ وأبي ذرٍّ وعِمرانَ وغيرِهم.
وعدمُ وجوب الكفارة لا يسقِط عنه تكفيرَ ذنبِه ببقية أنواعِ المُكفراتِ التي هي أعظم مِن كفارة اليمنِ؟ بالإكثارِ مِن الاستغفارِ، والطاعاتِ، والصدقاتِ، والوَجَلِ القلبي مِن الذنبِ، والخوفِ من عاقبتِه, فذلك يُخفِّف الذنبَ ويزيلُه بإذنِ اللهِ.
كفارةُ اليمين الخطأ:
وأما مَن حلَفَ يمينًا ويرَى أنه صادقٌ في نفسِه، فبَانَ مُخطِئًا، فلا كفارةَ عليه ولا إثمَ، إلا أنَّ يمينَه الخطأ لا تُبطِلُ حقًّا، ولا تُحِقُّ الباطلَ،
(١) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (٥٩٧٣) (٥/ ٤٣٧).