التحريم: ١ , وسبب النزولِ في "الصحيحَينِ" من حديثِ عائشةَ (١).
* * *
قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦)} آل عمران: ٩٦.
فيه منزلة البيت العَتيقِ المسجدِ الحرام مسجدِ الكعبةِ وقدَمُه، وقد وضعَ قواعدَة إبراهيمُ وابنه إسماعيلُ، كما في قولِه تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} البقرة: ١٢٧، وقيل: إنَّ المرادَ بالوضعِ في الآيةِ: هو وضع البَرَكَةِ والهُدى للناسِ، لا وضعُ البناءِ، فوضعُ القواعدِ شيءٌ، ووضع البيتِ شيءٌ، ووضعُ الهدايةِ والبَرَكةِ والأمانِ فيه شيء آخَرُ؛ فما كل أحكامِ البيتِ الحرامِ نزَلت مرةً واحدةً؛ ولذا جاء عندَ البيهقي؛ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو مرفوعًا: (أن اللهَ أمرَ آدَمَ وَحَوَّاء بِبِنَاءِ البَيتِ وَالطَوَافِ فِيهِ) (٢)، ولا يصح.
وصحَّ عن بعضِ السلفِ, كقتادةَ؛ أن أولَ مَن طافَ به آدمُ.
وفي ذلك بعضُ الأقوالِ عن وهبِ بنِ منبه وغيرِه.
وليس في ذلك شيءٌ مرفوعٌ صحيحٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعتمَدُ عليه.
وفي "الصحيحينِ"، عن أبي ذر - رضي الله عنه -؛ قال: قلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَي مسجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أولُ؟ قَالَ: (المَسْجِد الحَرَامُ)، قُلت: ثُمَّ أي؟ قَالَ: (المَسْجِدُ الأقصَى)، قلتُ: كَم بَينَهمَا؟ قَالَ: (أربَعُونَ سَنَةً, وَأينَمَا أَدرَكتكَ الصلاةُ، فَصَلِّ، فَهُوَ مسجِدٌ) (٣).
(١) أخرجه البخاري (٥٢٦٧) (٧/ ٤٤)، ومسلم (١٤٧٤) (٢/ ١١٠٠).
(٢) "دلائل النبوة" للبيهقي (٢/ ٤٥).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٦٦) (٤/ ١٤٥)، ومسلم (٥٢٠) (١/ ٣٧٠).