تسميةُ مكةَ بـ (بَكَّةَ):
وسُمِّيَتْ بَكَّةَ: قيل؛ لأن الناسَ يأتونَها مِن كلِّ مكانٍ؛ وبهذا قال عبدُ اللهِ بنُ الزبيرِ.
وقيل: لأنها تبُكُّ الجبابرة.
وقيل: لأن اللهَ جعَلَ الرجُلَ فيها كالمرأةِ؛ يَبُك الرجلُ المرأةَ، وتبك المرأة الرجلَ، وهم في الحُكمِ سواء؛ وهذا مروي عن ابنِ عمرَ، وأبي جعفر محمدِ بنِ علي، وعتبة بنِ قيس.
وقيل: تُبك الظلَمَةَ؛ فلا يقعُ فيها ظلم ويطُولُ، فاللهُ يُزِيل الظالمَ ولا يُمهِله فيها.
وقال عكرمةُ وأبو مالكٍ والنخَعي وغيرهم: بَكَّةُ, هي الكعبة وما حولَها، وما وراءَ ذلك يُسمى: مَكةَ، وقال ابنُ عباسٍ: بَكَةُ: مِن الفَجِّ إلى التنعيمِ، ومكة: مِن البيتِ إلى البَطحَاءِ (١).
فضلُ المسجِدِ القديمِ:
وفي الآيةِ: فضلُ المسجدِ القديمِ على الجديدِ، وقد اختَلَفَ العلماءُ في التفضيلِ بينَ المسجدِ القديمِ والمسجدِ الحديث الذي يجتمِعُ فيه الناس أكثرَ مِن غيرِه، على قولَين؟ وهما قولانِ في مذهب الحنابلةِ، ويأتي تفصيل ذلك في سورةِ التوبةِ في قوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ} التوبة: ١٠٨.
والمسجدُ الحرامُ أفضل مِن غيرِهِ في المنزلةِ والصلاةِ والاعتكاف وسائرِ القرُباتِ.
(١) ينظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٥٩٥، ٥٩٧)، و"تفسير ابن المنذر" (١/ ٢٩٩، ٣٠١)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٧٠٨، ٧٠٩).