الزَّكَاةَ} النساء: ١٦٢، وقال: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} المائدة: ٥٥، وقال عن أمَّهاتِ المؤمِنينَ: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ} الأحزاب: ٣٣، وغير ذلك؛ فالزكاةُ أكثرُ الأحكامِ اقترانًا في القرآنِ بالصلاةِ.
ثمَّ جاء الصومُ في أركانِ الإِسلامِ بعدَ الزكاةِ على قولِ الأكثرِ؛ لأنَّه يَلِيهَا في سَعَةِ المخاطَبِينَ، ثمَّ جاءَ الحجُّ بعدَ الصيامِ؛ لأنَّ الصيامَ أوسعُ في التكليفِ؛ فهو في كلِّ عامٍ، والحجُّ في العُمْرِ مرة، ثمَّ إنَّ الحجَّ محصورٌ في بقعةٍ معيَّنةٍ، والصومُ تكليفٌ يُؤدَّى في كلِّ الأرضِ.
تأخُّرُ فرضِ الحجِّ:
وإنَّما تأخَّرَ فرضُ الحجِّ؛ لأنَّ أرضَهُ التي يُؤدَّى عليها - وهي مكةُ - ليستْ في يدِ المسلِمِينَ؛ فتأخَّرَ الخطابُ حتى تتهيَّأَ الأسبابُ.
مع أنَّ مشروعيةَ الحجِّ باقيةٌ قبلَ فرضِهِ، وكان الناسُ قبلَ البعثةِ على بقيَّةٍ مِن مناسِكِ إبراهيمَ الخليل، وقد حجَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على مناسِكِ إبراهيمَ قبلَ هِجْرتِهِ؛ كما في "الصحيحينِ"؛ مِن حديثِ جُبيرِ بنِ مُطعِمٍ، وقد لَحِقَ مناسكَ الخليلِ تبديلٌ في أهلِ مكةَ وغيرِهم إلا قليلًا (١).
حكمُ تارِكِ الحجِّ:
وقد جعَلَ الله الحجَّ عَلَمًا على انقيادِ الناسِ وبقائِهم على دِينِ محمدٍ دِينِ الإِسلام، فكانوا يُقْبِلُونَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بأنفسِهم أو برُسُلِهم أو بأقوالِهم عندَ قومِهم، ويُسْلِمُونَ رغبةً ورهبةً، فيُؤاخَذونَ على ظاهرِهم، ثمَّ لمَّا فرَضَ اللهُ الحجَّ، امتازَ أهلُ الاتِّباعِ والانقيادِ مِن أهلِ النفاقِ؛ ولذا
(١) أخرجه البخاري (١٦٦٤) (٢/ ١٦٣)، ومسلم (١٢٢٠) (٢/ ٨٩٤): عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ؛ قَالَ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: "هَذَا وَاللهِ مِنَ الحُمْس، فَمَا شَأْنُهُ هَا هُنَا؟ ! ".