وبعضُ الفقهاءِ يجعلُ ذوي الأرحامِ الذين يجبُ وصلُهُمْ هم الذين يَرِثُونَ؛ وبهذا القولِ يخرُجُ الأخوالُ؛ وهذا ضعيفٌ؛ ففي "الصحيحِ": (الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ) (١)، وقد جاء مِن قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثَ في "المسندِ"، و"السُّنَنِ"، و"المسانيدِ"؛ مِن حديثِ عليٍّ والبَرَاءِ (٢).
وفي "المسندِ"؛ مِن حديثِ عليِّ بن أبي طالبٍ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ) (٣).
وكذلك فإنَّ العمَّ بمنزلةِ الأبِ؛ كما في "صحيح مسلمٍ"؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعُمَرَ: (يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) (٤).
والوعيدُ الواردُ في القرآنِ والسُّنَّةِ في قطعِ الأرحامِ يُحمَلُ على ذوي
الأرحامِ؛ كقولِهِ تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} محمد: ٢٢، ٢٣.
وقولِه - صلى الله عليه وسلم -: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ) (٥).
والفضلُ واردٌ على جميع الأرحامِ؛ كقولِهِ: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِه، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِه، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) (٦)، وأقربُهُمْ رَحِمًا أعظمُهُمْ حقًّا، ووصلُهُ أعظَمُ أجرًا.
المحرَّمُ بالرضاعِ لا يدخُلُ في الأرحامِ:
ولا يدخُلُ في الأرحامِ الرَّضَاعُ بالاتِّفاقِ؛ لأنَّ الرحِمَ إنَّما سُمِّيَتْ
(١) أخرجه البخاري (٢٦٩٩) (٣/ ١٨٥).
(٢) أخرجه أحمد (٩٣١) (١/ ١١٥)، وأبو داود (٢٢٨٠) (٢/ ٢٨٤)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٤٠٢) (٧/ ٤٣٣)، عن عليٍّ.
والترمذي (١٩٠٤) (٤/ ٣١٣)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٥٢٥) (٧/ ٤٨٣)، عن البَرَاءِ.
(٣) أخرجه أحمد (٧٧٠) (١/ ٩٨).
(٤) أخرجه مسلم (٩٨٣) (٢/ ٦٧٦).
(٥) أخرجه البخاري (٥٩٨٤) (٨/ ٥)، ومسلم (٢٥٥٦) (٤/ ١٩٨١).
(٦) أخرجه البخاري (٥٩٨٦) (٨/ ٥)، ومسلم (٢٥٥٧) (٤/ ١٩٨٢).