طيِّبًا: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} " (١).
ومِن مَعانيه:
الحثُّ على العدلِ مع الزوجات، والتخويفُ مِن ظُلْمِهِنَّ؛ فقد روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن ابنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ فِي قولِه تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}؛ قَالَ: "فَكَمَا خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي الْيَتَامَى، فَخَافُوا أَلَّا تَعْدِلُوا فِي النِّسَاءِ؛ إِنَّمَا جَمَعْتُمُوهُنَّ عِنْدَكُمْ" (٢).
تزويجُ اليتيمةِ:
وفي قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} إشارةٌ إلى جوازِ تزويجِ غيرِ اليتيمةِ بأقلَّ مِن مِهرِ مِثْلِها؛ لأنَّ اللهَ لمَّا نَهَى عنه في اليتيمة، دَلَّ على جوازِه في غيرِها؛ وهذا قولُ جمهورِ الفقهاءِ خلافًا للشافعيِّ؛ فقد منع الوليَّ كالأبِ مِن تزويجِها الا بمِهْرِ مِثلِها.
وأبو حنيفةَ يجعلُ الثيِّبَ التي لا حَجْرَ عليها لا تُزوَّجُ إلا بمهرِ مِثْلِها ولو رَضِيَتْ بأقلَّ منه، ويجعلُ مهرَ المِثْلِ مِن الكفاءةِ في النِّكاحِ.
وظاهرُ الآيةِ والسُّنَّةِ جوازُ ذلك، وهو الصحيحُ.
تزويجُ وليِّ اليتيمة نفسَهُ:
وتتضمَّنُ الآيةُ دَلالةً على وجوبِ الوليِّ في النكاح، وأنَّه شرطٌ فيه.
واختَلَفَ العلماءُ في تزويجِ وليِّ اليتيمةِ مِن نفسِه:
فمَنَعَ منه الشافعيُّ.
وكَرِهَ مالكٌ تزويجَ الوليِّ لها حتى مِن ابنِه؛ وعلَّلُوا ذلك بحفظِ حقِّها مِن أنْ تَطمَعَ النفوسُ فيه.
وإذا زوَّجَها منه أو مِن ابنِه سلطانٌ أو وليٌّ غيرُه، جاز عندَهم؛ لأنَّه
(١) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٥٥٤).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٥٧).