فلا يُجحَفُ في نفقتِهِ ويُقصَّرُ في كسوتِهِ وسُكْناهُ؛ لينالَ الوليُّ أو الوصيُّ ممَّا أبْقَاهُ مِن نفقةِ اليتيمِ؛ رواهُ نافعُ بن أبي نُعَيْمٍ عنهما؛ أخرَجَه ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه" (١).
وهذا التأويل خلافُ المشهورِ مِن كلامِ المفسِّرينَ مِن السلفِ في أنَّ المرادَ بالغني والفقيرِ هو الوليُّ والوصيُّ.
وأَذِنَ اللهُ لوليِّ اليتيمِ ووصيِّه إنْ كان فقيرًا أنَّ يأكُلَ بالمعروفِ بمقدارِ حاجتِه؛ رَوَى عروةُ، عن عائشةَ؛ قالتْ: "نَزَلَت فِي وَلِيِّ الْيَتِيمِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُهُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا أنَّ يَأكُلَ مِنْهُ"؛ رواهُ ابنُ جريرٍ، وابنُ أبي حاتمٍ (٢).
وأكلُ مالِ اليتيمِ مِن غيرِ حقٍّ كبيرةٌ، وتقدَّمَ أنَّ جنسَ أكلِ مالِ اليتيمِ أعظَمُ مِن جنسِ أكلِ مالِ الرِّبا، وقال عامرٌ الشعبيُّ؛ "هو كالمَيْتَةِ والدمِ" (٣).
ويجبُ الاحتياطُ عندَ أكلِ الوليِّ الفقيرِ مِن مالِ اليتيمِ مِن شَرَهِ نَفْسِهِ وطَمَعِها وهَوَاهَا؛ فلا يأكُلُ طَيِّبَ مالِهِ ونَفِيسَهُ، بل يأكُلُ مِن أطرافِهِ وحواشِيه، ولا يُكثِرُ، وقد قال ابنُ عبَّاسٍ: "يأكُلُ ثلاثِ أصابعَ" (٤).
ومرادُهُ بلا شَرَهٍ وقضاءِ نَهَمٍ ووَطَرٍ كما يفعلُ الرجل في مالِه، وقد قال النَّخَعيُّ: "ليس المعروف بلُبْسِ الكَتَّانِ، ولكنَّ المعروفَ: ما سَدَّ الجُوعَ، ووَارَى العَوْرَةَ" (٥).
الأكلُ مِن مالِ اليتيم بمقدار ولايتهِ:
ويجبُ أنَّ يكونَ أكلُ الوليِّ الفقيرِ مِن مالِ اليتيمِ بمقدارِ قيامِهِ عليه،
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٦٧).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٤٢٥)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٦٨).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٦٨).
(٤) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٦٩).
(٥) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٧٠).