الأئمَّةِ الأربعةِ؛ لأنَّهم لو جُعِلَ لهم حقٌّ في الميراثِ قبلَ قِسْمَتِه، ما كان صاحِبُ النِّصْفِ يأخُذُ النِّصْفَ، والثُّلُثِ يأخْدُ الثُّلُثَ، والرُّبُعِ يأخُدُ الرُّبُعَ، لأنَّ الميراثَ نَقَصَ قبلَ قِسْمَتِه، فنَقَصَ حقُّه.
وجعَلَ ابنُ عبَّاسٍ ناسِخَها ما يَلِيها مِن آياتِ الميراثِ؛ كقولِه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} النساء: ١١.
وجعَلَ ابنُ عبَّاسٍ في قولٍ وابنُ المسيَّبِ وعطاءٌ: الناسخَ كلَّ آياتِ المواريثِ وآياتِ الوصيَّةِ.
وهذا مِن خلافِ التنوُّع، لا التضادِّ؛ فكلُّ آياتِ المواريثِ والوصيَّةِ دالَّةٌ على وجوب حِفظِ المالِ لأهلِهِ مِن الورثةِ والمُوصَى لهم بالمقدارِ المُقدَّرِ في الوصَيَّة، وبالمقدارِ الذي قدَّرَهُ اللهُ في الميراثِ.
وقيل بإحكامِ الآية، ومَن قال بهذا قال: هي على الاستحبابِ بطِيبِ نفسٍ مِن الورثة، وبهذا قال سعيدُ بنُ جُبيرٍ والحسنُ.
وقال جماعةٌ مِن السلفِ: إنَّ الآيةَ مُحْكَمَةٌ غيرُ منسوخةٍ، وهو قولٌ صحيحٌ عن ابنِ عبَّاسٍ، وجاء عن عائشةَ وأبي موسى وأبي العاليةِ والحسنِ وابنِ جُبيرٍ والنَّخَعيِّ والزُّهْريِّ.
رواهُ البخاريُّ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ: "هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ" (١).
وبهذا قال مالكٌ والشافعيُّ.
وحمَلَ مَن قالَ بعدمِ النسخِ الآيةَ على النَّدْب، ومنهم مَن حَمَلَها على استحبابِ الوصيَّة لهم.
وقيل بالوجوب، وفي الوجوبِ نظرٌ؛ فاللهُ لو جعَلَ ذلك حقًّا
(١) أخرجه البخاري (٤٥٧٦) (٦/ ٤٣).