مطلب في استعمال (إذ) مكان (إذا) وبالعكس
وقوله: {إذ يخرجك قومك} استعمل فيه (إذ) موافقة لإذا في إفادة الاستقبال. وهو استعمال صحيح غفل عن التنبيه إليه أكثر النحويين. ومنه قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} ١٩: ٣٩.
وقوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} ٤٠: ١٨.
وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} ٤٠: ٧٠ - ٧١ في شرح الكافية للرضي ٢: ١٠١: «(إذ) تكون للمستقبل كإذا كما في قوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} ٤: ١١ على أنه يمكن أن يؤول بالتعليلة، وكما في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} ٤٠: ٧٠ - ٧١.
ويمكن أن يكون من باب {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} ٧: ٤٤».
وفي المغني ١: ٧٥: «الوجه الثاني: أن يكون اسمًا للزمن المستقبل، نحو: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ٩٩: ٤.
والجمهور لا يثبتون هذا القسم، ويجعلون الآية من باب {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} ١٨: ٩٩، أي من تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة ما قد وقع. وقد يحتج لغيرهم بقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} ٤٠: ٧٠ - ٧١ فإن {يعلمون} مستقبل لفظًا ومعنى، لدخول حرف التنفيس عليه، وقد عمل في (إذ) فيلزم أن يكون بمنزلة (إذا). في لسان العرب ١٥: ٤٦٣: «غير أن (إذ) توقع موقع (إذا)، و (إذا) موقع (إذ). قال الليث في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} ٦: ٩٣: «معناه: إذا الظالمون، لأن هذا الأمر منتظر لم يقع». في «سيرة ابن هشام»: قال أبو الحسن بن جحش في الهجرة إلى المدينة المنورة:
نمت بأرحام إليهم قريبة ... ولا قرب بالأرحام إذ لا تقرب