لتطلبوا بذلك التأول على أخذه، فأغمض على هذا: أتى غامضا من الأمر، كقولهم: أعمن الرجل: أتى عمان، وأعرق: أتى العراق، وأنجد: أتى نجدا. وأغار: أتى الغور.
وأما {تغمضوا فيه} فيكون منقولا من غمض هو، وأغمضه غيره كقولك: خفى وأخفاه غيره، فهو كقراءة من قرأ: {أن تغمضوا فيه} ولم يذكر ابن مجاهد ثقل الميم مع فتح التاء مكسورة أو مضمومة، والمحفوظ في هذا غمض الشيء يغمض ... كدخل يدخل.
والمعنى: أن غيرهم يغمضهم فيه من موضعين:
أحدهما: أن الناس يجدونهم قد غمضوا فيه، فيكون من أفعلت الشيء. وجدته كذلك، كأحمدت الرجل: وجدته محمودًا، وأذممته: وجدته مذمومًا ...
والآخر: أن يكون {تغمضوا فيه} أي إلا أن تدخلوا فيه، وتجذبوا إليه، وذلك الشيء الذي يدعوهم إليه، ويحملهم عليه هو رغبتهم في أخذه، ومحبتهم لتناوله، فكأنه - والله أعلم - إلا أن تسول لكم أنفسكم أخذه فتحسن ذلك لكم، وتعترض بشكه على يقينكم حتى تكاد الرغبة فيه تكرهكم عليه.
ويزيد في وضوح هذا المعنى لك ما روى عن الزهري أيضًا من قراءته: {إلا أن تغمضوا فيه} أي إلا أن تغمضوا بصائركم وأعين علمكم عنه، فيكون نحوا من قوله:
إذا تخازرت وما بي من حزر
وفي البحر ٢: ٣١٨: قرأ الزهري: {تغمضوا} بضم التاء وفتح الغين، وكسر الميم مشددة. ومعناها معنى قراءة الجمهور.
وروى عنه {تغمضوا} بفتح التاء وسكون الغين، وكسر الميم، مضارع غمض، وهي لغة في أغمض.
وروى عن اليزيدي {تغمضوا} بفتح التاء