مما تقديره الإضافة لأن الإضافة تعرفها وتحقق أوقاتها، فإذا حذفت منها وتركت نياتها فيها كانت مخالفة للباب معرفة بغير إضافة، فصرفت عن وجوهها، وكان محلها من الكلام أن يكون نصبًا أو خفضًا، فلما أزيلت عن مواضعها ألزمت الضم، وكان ذلك دليلا على تحويلها، وأن موضعها معرفة، وإن كانت نكرة أو مضافة لزمها الإعراب، وذلك قولك جئت قبلك وبعدك، ومن قبلك ومن بعدك، وجئت قبلا وبعدا، كما تقول: أولاً وآخرًا.
فإن أردت قبل ما تعلم، فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف} وقال في الإضافة {والذين من قبلهم} و {من بعد أن أظفركم عليهم}.
وكذلك جئت من علو، وصب عليهم من فوق ومن تحت يافتى، إذا أردت المعرفة، وكذلك من دون يافتى».
وانظر سيبويه ٢: ٤٤، أسرار العربية ٣١، أمالي الشجري ١: ٣٢٨، ٢: ٢٦٠.
وقال الرضي في شرح الكافية ٢: ٩٥: «اعلم أن المسموع من الظروف المقطوعة عن الإضافة: قبل، وبعد، وتحت، وفوق، وأمام، وقدام، ووراء، وخلف، وأسفل، ودون، وأول، ومن عل ومن علو، ولا يقاس عليها ما هو بمعناها نحو: يمين وشمال وآخر وغير ذلك».
وفي الهمع ١: ٢٠٩: «من الظروف المبنية في بعض الأحوال بعد، وهي ظرف زمان لازم الإضافة وله أحوال:
أحدها: أن يصرح بمضافة، نحو جئت بعدك، فهو معرب منصوب على الظرفية.
ثانيها: أن يقطع عن الإضافة لفظًا ومعنى قصدًا للتنكير فكذلك كقوله:
فما شربوا بعدا على لذة خمرًا