ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} البقرة: ٢٨٢ قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} البروج: ١٥ برفع (الْمَجِيدُ) وجره.
رابعها: الزيادة والنقص، مثل: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} الليل: ٣ قرئ (مَا خَلَقَ الذَّكَرَ
وَالْأُنْثَى).
خامسها: التقديم والتأخير، مثل، {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} التوبة: ١١١، قرئ: (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) ومثل: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}، قرئ: (وجاءت سكرة الحق بالموت).
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} البقرة: ٢٥٩ بالزاي، وقرئ: (ننشرها) بالراء.
سابعها: اختلاف اللهجات: مثل {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} النازعات: ١٥ بالفتح والإمالة في: (أتى) و (موسى) وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام.
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشهورها ومنسوخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه عن هذه الأجناس السبعة المتنوعة.
المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لهجات من لهجات قبائل العرب الفصيحة. وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة، فأنزل القرآن على سبع لهجات مراعيًا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب، فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللهجات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جلّ العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلًا بلسان قريش والعرب.
فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم. غير أنا نرى أن المذهب الثاني أرجح وأقوى.
ولقد أُمرَ النبِي - صلى الله عليه وسلم - أن يُقرئ أمته القرآن على سبعة أحرفٍ، فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهِ عَنْهمَا حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَرَاجَعْتُهُ، فَلمْ أَزَلْ