قلت: كان من عادات أهل الجاهلية مخارجة الولائد وإلزامهن ضرائب معلومة في كل يوم، ثم يسيبونهن يكسبن بأنواع الخدمة من دبغ وغزل وطبخ وكن إلى ذلك يبغين فيؤدين الضرائب، وكان سادتهن لا يمتنعون مع ذلك من الإلمام بهن، فإذا حملت الجارية ووضعت استلحق سيدها ولدها إذا ظن الولد منه، فإذا اشتبه أمر الولد دعى له القافة وكانت قصة وليدة زمعة من هذا النوع، وكان حكم الإسلام أن الولد للفراش , أي: لصاحب الفراش , فحكم النبي ,
صلى الله عليه وسلم , فيه بظاهر حُكم الدين , وألحَقَ الولد
بِزَمْعَة , ثم نظر إلى شَبَه المولود بُعتبة , والشَّبّه مع عدم الفراش
نوع من الدلالة , وبه تحكم القافة , فأشار النبي ,
صلى الله عليه وسلم , إلى سَودة بنت زَمعة أن تحتجب منه , ولا
يدخل إليها دخول الإخوة إلى الأخوات , وذلك من باب الوَرَع
الباطن , وإن كان في حكم الظاهر قد حكم له بأُخُوَّته , فلو مات
كانت تَرِثه , إن لم يكن هناك من يَحجُبها من الإرث.