مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله طهرني ... وذكر الحديث بطوله، هكذا إسناد هذا الحديث في جميع النسخ التي رأيتها من "صحيح مسلم"، وذكر الحافظ أبو علي: إنه أيضًا كذلك لجميع الرواة عندهم، وقد سقط من إسناده رجل، وهو يعلى بن الحارث المحاربي، والد يحيى بن يعلى المذكور في هذا الإسناد، فإن يحيى هذا إنما يروي هذا الحديث فيما قيل عن أبيه، عن غيلان بن جامع. وكذلك أخرجه النسائي في "سننه".
قال الحافظ أبو علي: وقد نبه عبد الغني -يعني ابن سعيد الحافظ- على الساقط من هذا الإسناد في نسخة أبي العلاء بن ماهان. وقال البخاري في "تاريخه": يحيى بن يعلى سمع أباه، وزائدةَ بنَ قُدَامة، وقال ابن أبي حاتم مثله أيضًا.
وإذا ثبت انقطاعه من هذا الوجه، فإنه متصل في كتاب مسلم من وجه آخر، ومع ذلك فقد اتصل حديث يحيى بن يعلى، عن أبيه، في كتاب النسائي (١)، فإنه أخرجه عن إبراهيم بن يعقوب الْجُوزجاني، وذكر أنه ثقة، عن يحيى بن يعلى بن الحارث، عن أبيه، عن غيلان بن جامع بإسناده. وأخرج أبو داود أيضًا في "سننه" (٢) عن محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن يعلى بن الحارث، عن أبيه، عن غيلان بهذا الإسناد المتقدم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استنكه ماعزا فقط. وكأنه طرف من هذا الحديث. والله أعلم. فثبت اتصاله من هذا الوجه الآخر، ولله الحمد.
(١٧) - الحديث الرابع
أخرج مسلم رحمه الله في "كتاب الفتن" حديث عبد الله بن وهب، عن أبي شريح المعافري، أن عبد الكريم بن الحارث حدثه، أن المستورد بن شَدّاد، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تقوم الساعة، والروم أكثر الناس" ... الحديث.
قلت (٣): وهذا إسناد منقطع فإن عبد الكريم هذا لم يدرك المستورد، ولا أدركه أبوه الحارث بن يزيد. قاله الحافظ أبو الحسن الدارقطني رحمه الله. قلت. وهذا الحديث إنما أورده مسلم رحمه الله هكذا في الشواهد، وإلا فهو في الأصل ثابت متصل في كتابه، من وجه آخر، فإنه أخرجه عن عبد الملك بن شعيب، عن ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن موسى بن عُلَيّ، عن أبيه، قال: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تقوم الساعة، والروم أكثر الناس ... " وذكر باقي الحديث.
(١) أي في "الكبرى". انظر "تحفة الأشراف" ٢/ ٧٤.
(٢) "كتاب الحدود" "باب رجم ماعز بن مالك" ٤/ ٥٨٣ رقم ٤٤٣٣ الحديث.
(٣) القائل الرشيد العطار، وكذا الآتي بعده.