وقال فى "الشكر": هو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف، يقال: شكرته، وشكرتُ له، وباللام أفصح.
وأما المدح فهو أعمّ من الحمد؛ لأنه يكون للحيّ، وللميت، وللجماد أيضًا، كما يُمدَح الطعام، والمكان، ونحو ذلك، ويكون قبل الإحسان، وبعده، وعلى الصفات المتعدّية واللازمة أيضًا، فهو أعمّ انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى (١).
وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: ويذكر عن جعفر الصادق في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} مَنْ حمده بصفاته كما وَصَفَ نفسه، فقد حَمِد؛ لأن الحمد حاءٌ، وميمٌ، ودالٌ، فالحاء من الوحدانيّة، والميم من الملك، والدّال من الديمومة، فمن عرفه بالوحدانيّة، والديمومة، والملك، فقد عرفه، وهذا هو حقيقة الحمد للَّه. وقال شقيق بن إبراهيم في "تفسيره": "الحمد للَّه" قال: هو على ثلاثة أوجه: أولها إذا أعطاك الله شيئًا تعرف من أعطاك. والثاني أن ترضى بما أعطاك. والثالث ما دامت قُوتُهُ في جسدك لا تعصه. فهذه شرائط الحمد انتهى (٢).
وقال الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري في "إعراب ألفيّة ابن مالك": إنما اختيرت مادّةُ الحمد المشتملةُ على الحاء الحلقيّة، والميم الشفويّة، والدّال اللسانيّة في الثناء على ربّ البريّة، كي لا يخلو مخرجٌ عن ذلك بالكلّيّة. انتهى (٣). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: اختَلفَ العلماءُ أيّما أفضل، قول العبد: "الحمد لله ربّ العالمين"، أو قول: "لا إله إلا الله"؟
فقالت طائفة: قوله. "الحمد للَّه ربّ العالمين" أفضل؛ لأن في ضمنه التوحيد الذي هو "لا إله إلا الله"، ففي قوله: "الحمد للَّه" توحيد وحمد، وفي قوله: "لا إله إلا الله" توحيد فقط.
وقالت طائفة: "لا إله إلا الله" أفضل؛ لأنها تدفع الكفر، والإشراك، وعليها يقاتَلُ الخلق، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله". متفق عليه. واختار هذا القول ابن عطيّة، قال: والحاكم بذلك قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل ما قلتُ أنا، والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له". انتهى كلام القرطبيّ.
(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٤.
(٢) تفسير القرطبيّ ج ١ ص ١٣٣ - ١٣٤.
(٣) إعراب الألفيّة ص ٣.