الصحيح، ومَسَاقُ الكلام، ووقع في "الْمُعْلِم": "فإن عُثِر" انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما وقع في "المعلم" تصحيف ظاهر. فتنبه. والله تعالى أعلم.
وقوله (فيه) متعلّقٌ بـ "عُثِر"، والضمير راجع إلى الاختلاف الشديد، وكان الأولى أن يعبّر بـ "عليه"؛ لأن "عثَرَ" يتعدى بـ "على"، لا بـ "في"، كما سبق آنفًا. ويحتمل أن يكون على مذهب الكوفيين من أن حروف الجرّ ينوب بعضها عن بعض (١). والله تعالى أعلم.
وقوله (على كثير من المحدّثين) بدلٌ من "فيه"، على حذف مضاف، أي على اختلاف كثير من المحدّثين. ويحتمل أن يتعلّق بحال مقدَّر من الضمير المجرور، و"على" بمعنى "في"، أي حال كونه واقعًا في روايات كثير من المحدّثين.
(وبان) أي ظهر (ذلك) الاختلاف الشديد (في حديثهم) وهذه الجملة مؤكدة لقوله: "كما قد عُثِر إلخ". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(فَإِذَا نَحْنُ تَقَصَّيْنَا أَخْبَارَ هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ، أَتْبَعْنَاهَا أَخْبَارًا يَقَعُ فِي أَسَانِيدِهَا بَعْضُ مَنْ لَيْسَ بِالْمَوْصُوفِ بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ كَالصِّنْفِ الْمُقَدَّمِ قَبْلَهُمْ، عَلَى أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِيمَا وَصَفْنَا دُونَهُمْ، فَإِنَّ اسْمَ السَّتْرِ وَالصِّدْقِ وَتَعَاطِي الْعِلْمِ يَشْمَلُهُمْ، كَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَأَضْرَابِهِمْ، مِنْ حُمَّالِ الْآثَارِ، وَنُقَّالِ الْأَخْبَارِ، فَهُمْ وَإِنْ كَانُوا بِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْعِلْمِ وَالسَّتْرِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرُوفِينَ، فَغَيْرُهُمْ مِنْ أَقْرَانِهِمْ، مِمَّنْ عِنْدَهُمْ مَا ذَكَرْنَا، مِنَ الْإِتْقَانِ، وَالِاسْتِقَامَةِ فِي الرِّوَايَةِ، يَفْضُلُونَهُمْ فِي الْحَالِ وَالْمَرْتَبَةِ؛ لأَنَّ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ دَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ، وَخَصْلَةُ سَنِيَّةٌ).
الشرح الإجمالي لهذه الفقرة
بيّن رَحِمَهُ اللهُ تعالى في هذه الفقْرة أنه إذا أنهى أحاديثَ القسم الأول الذين هم بالمنزلة الرفيعة من الإتقان والاستقامة أورد بعد ذلك أحاديث يقع في أسانيدها بعض الرُّواة الذين لم يَصِلُوا إلى مرتبة الأولين، من الإتقان، والاستقامة، مع أنهم، وإن كانوا أقلّ درجة منهم، لكنهم موصوفون بما يَجعَل أحاديثَهُم صالحةً للمتابعة والاستشهاد، حيث
(١) راجع حاشية الخضري على شرح ابن عقيل للخلاصة في "باب حروف الجرّ" ١/ ٣٤.