الشيخ سمع من عبد بن حُميد بعد موته بثلاث عشرة سنة.
وإلى هذا الصنف أشرت في المنظومة المذكورة بقولي:
وَسَادِسُ الأَصْنَافِ قَوْمٌ وَضَعُوا ... مَحَبَّةَ الظُّهُورِ فِيمَا اصْطنَعُوا
فَجَعَلُوا الصَّحِيحَ مِنْ إِسنَادِ ... بَدَلَ ذِي الضُّعْفِ الْمَهِينِ الْبَادي
أَوْ سَنَدًا مُشْتَهِرًا بِعَكْسِهِ ... لِيَرْغَبَ النَّاسُ إِلَى اقْتِبَاسِهِ
مِنْ هَؤُلَاءِ أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبِ ... بُهْلُولُ إِبْرَاهِيمُ حَمَّادُ الْغَبِي
وَمِنْهُمُ مَنْ لِسَمَاعٍ ادَّعَى ... عَمَّنْ غَدَا لِقَاؤُهُ مُمْتَنِعَا
كَمَا ابْنُ إِسْحَاقَ سَمَاعًا أَفْصَحَا ... عَنِ ابْنِ يَعْقُوبَ لِذَاكَ افْتَضَحَا
كَذَاكَ عَنْ عَبْدٍ رَوَى ابْنُ حَاتِمِ ... فَجَاءَنَا تَكْذِيبُهُ عَنْ حَاكِمِ
الصنف السابع: قوم وقع الموضوع في حديثهم، ولم يتعمّدوا الوضع، كمن يَغلَط، فيُضيف إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كلام بعض الصحابة، أو غيرهم، وكمن ابتُلي بمن يَدُسّ في حديثه ما ليس منه، كما وقع لحمّاد بن سلمة مع ربيبه عبد الكريم بن أبي العوجاء، وكما وقع لسفيان بن وكيع مع ورّاقه قرطمة، ولعبد الله بن صالح، كاتب الليث مع جاره، وكمن تدخل عليه آفة في حفظه، أو في بصره، أو في كتابه، فيروي ما ليس من حديثه غالطًا، قال ابن الصلاح رحمه اللهُ تعالى: وأشدّ هذه الأصناف ضررًا أهل الزهد؛ لأنهم للثقة بهم، وتوسّم الخير فيهم يَقبَل موضوعاتهم كثير ممن هو على نمطهم في الجهل، ورقّة الدين. وقال الحافظ رحمه اللهُ تعالى: ويلتحق بالزهّاد في ذلك المتفقّهة الذين استجازوا نسبة ما دلّ عليه القياس إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: وأخفى الأصناف الصنف الأخير الذين لم يتعمّدوا الكذب مع وصفهم بالصدق، فإن الضرر بهم شديد؛ لدقّة استخراج ذلك إلا من الأئمة النقّاد، وأما باقي الأصناف فالأمر فيهم أسهل؛ لأن كون تلك الأحاديث كذبًا لا تخفى إلا على الأغبياء. انتهى (١).
وإلى هذا الصنف أشرت في المنظومة المذكورة بقولي:
وَسَابِعُ الأَصْنَافِ قَوْمٌ وَضَعُوا ... مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ غَلطًا، فَافْتَجَعُوا
فَنَسَبُوا إِلَى النَّبِيِّ مَا وَرَدْ ... عَنْ صَحْبِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ لِذَا يُرَدّ
وَكَا الَّذِي بِمَنْ يَدُسُّ يُبْتَلَى ... مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ فَأُبْطَلَا
كَابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ حَمَّادًا ظَلَمْ ... كَذَاكَ قُرْطُمَةُ سُفْيَانَ اخْتَرَمْ
وَكَاتِبُ اللَّيْثِ بِجَارِهِ بُلِي ... وَكَالَّذِي بِآفَةٍ قَدِ ابْتُلِي
(١) راجع "تنزيه الشريعة" ١/ ١١/ ١٦.