استعمال أبي إسحاق الزجّاج اللغويّ لفظ "معلول" في "العروض".
والحاصل أن الأجود الذي لا خلاف فيه هو لفظ "المعلّ"، بلام واحدة مشدّدة، ويليه لفظ "معلول" فإنه جائز الإستعمال على الصحيح، وأما لفظ "المعلل"، وإن استعمله بعضهم، كالمصنف، فليس بجيّد.
وإلى ما ذُكر أشرت في "شافية الغُلل"، حيث قلت:
ثُمَّ الْحَدِيثُ إِنْ يَكُنْ ذَا عِلَّةِ ... لُقِّبَ بِـ "الْمُعَلِّ" كُنْ ذَا ثِقَةِ
أَمَّا "الْمُعَلَّلُ" بِلَامَيْنِ وَإِنْ ... أَطْلَقَهُ بَعْضٌ فَبِالْبُعْدِ قَمِنْ
إِذْ عَلَّلَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى أَلْهَى ... فَهَهُنَا الْمَعْنَى يَكُونُ أَوْهَى
كَذَلِكَ التَّلْقِيبُ بِـ "الْمَعْلُولِ" ... أَنْكَرَهُ بَعْضُ ذَوِي النُّقُولِ
إِذْ عَلَّهُ سَقَاهُ ثَانِيًا وَذَا ... يَبْعُدُ كَالسَّابِقِ لَكِنْ رُدَّ ذَا
بِأَنَّهُ يُقَالُ عُلَّ أَيْ مَرِضْ ... فَطَالِعِ الصِّحَاحَ أَنْ لا تَعْتَرِضْ
بِهِ جَرَتْ عِبَارَةُ الْكِبَارِ ... كَالتِّرْمِذِي وَشَيْخِهِ الْبُخَارِي
وَمِنْ أُولِي اللُّغَةِ فَالزَّجَّاجُ ... قَدْ قَالَهُ مِمَّنْ بِهِ احْتِجَاجُ
لِذَا نَرَى اسْتِعْمَالَهُ صَحِيحَا ... فَلَا تَكُنْ إِمَّعَةً جَرِيحَا
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الثالثة: في معنى العلّة:
" العلة" في اللغة: المرض، واصطلاحًا: هي عبارة عن أسباب خفية طرأت على الحديث الذي ظاهره السلامة؛ لاستجماعه شروط الصحة ظاهرًا، فأثّرت في صحته.
قال النوويّ رحمه الله تعالى في كتابه "التقريب": والعلة عبارة عن سبب غامض، قادح في الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه، قال ابن الصلاح: فالحديث المعل ما اطُّلِع فيه على علة تقدح في صحته مع ظهور السلامة.
ويتطرق إلى الإسناد الجامع شروط الصحة ظاهرا وتدرك العلة بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له، مع قرائن تُنَبّه العارفَ بهذا الشأن على وَهَم الراوي بإرسال، أو وقف، أو دخول حديث في حديث، أو غير ذلك، بحيث يغلب على ظنه، فيحكم بعدم صحة الحديث، أو يتردد فيتوقف فيه، وربّما تقصر عبارة المعلّ عن إقامة الحجة على دعواه، كالصيرفيّ في نقد الدينار والدرهم. قال ابن مهدي: معرفة علم الحديث إلهام، لو قلت للعالم بعلل الحديث من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة، وكم من شخص لا يهتدي لذلك، وقيل له أيضا: إنك تقول للشيء: هذا صحيح، وهذا لم يثبت، فعمن تقول ذلك؟ فقال: أرأيت لو أتيت الناقد، فأريته دراهمك، فقال: هذا جيد، وهذا