مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في تخريجه
حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا أخرجه المصنف هنا بالإسناد المذكور فقط، وأخرجه (البخاريّ) في "العلم" ١/ ٣٨ رقم ١٠٣ عن عليّ بن الجعد، عن شعبة، عن منصور، عن ربعيّ بن حِراش، عن عليّ -رضي الله عنه-. وأخرجه (الترمذيّ) في "العلم" (٢٦٦٠) عن إسماعيل ابن موسى الفزاريّ، عن شريك بن عبد الله، عن منصور به. و (٣٧١٥) عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن شريك به. و (ابن ماجه) في "المقدّمة" (٣١) عن عبد الله بن عامر ابن زُرارة، وإسماعيل بن موسى، جميعًا عن شريك به. و (أحمد) في "مسند العشرة" ١/ ٨٣ (٦٢٩) و ١/ ١٢٣ (١٠٠٠) عن يحيى القطان، عن شعبة به و ١/ ٨٣ (٦٣٠) عن حسين، عن شعبة به. و ١/ ١٢٣ (١٠٠٠) عن حجاج، عن شعبة و ١/ ١٢٣ (١٠٠١) و ١/ ١٥٠ (١٢٩١) عن محمد بن جعفر، عن شعبة به. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في فوائده
منها: تعظيم تحريم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه فاحشة عظيمة، وموبقة كبيرة، واختُلف هل يكفر به أم لا؟ وسيأتي تحقيق القول في ذلك قريبًا، إن شاء الله تعالى. ومنها: أن فيه تثبيت القاعدة السابقة، وهي أن الكذب يتناول إخبار العامد والساهي عن الشيء بخلاف ما هو.
ومنها: أنه لا فرق في تحريم الكذب عليه -صلى الله عليه وسلم- بين ما كان في الأحكام، وما كان في غير الأحكام، كالترغيب، والترهيب، والمواعظ، وغير ذلك، فكلّه حرام من أكبر الكبائر، وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يُعتدّ بهم في الإجماع، وخالف في ذلك الكرّاميّة الطائفة المبتدعة في زعمهم الباطل أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب، وسيأتي تفنيد هذا الزعم الباطل قريبًا، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في بيان عِظَم هذا الحديث، وقوّة درجته:
اعلم: أن هذا الحديث حديث عظيم في نهاية من الصحّة، وقيل: إنه متواتر، ذكر أبو بكر البزار في "مسنده" أنه رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو من أربعين نفسا من الصحابة -رضي الله عنهم-. وحكى الإمام أبو بكر الصيرفي في "شرحه لرسالة الشافعيّ" رحمهما الله أنه رُوي عن أكثر من ستين صحابيا مرفوعا. وذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن منده عدد من رواه، فبلغ بهم سبعة وثمانين، ثم قال: وغيرهم. وذكر بعض الحفاظ أنه رُوي عن اثنين وستين صحابيا، وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة، قال: ولا يُعرف حديث