قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذا الذي ذكره ابن دقيق العيد لي توقّفٌ؛ لأن اللبس المحذور حاصل فيه أيضًا، فالأولى التقيّد بما سبق من البيان. والله تعالى أعلم.
وإلى هذا أشار السيوطيّ في "نظم الدرر"، فقال:
وَاسْتَخْرَجُوا عَلَى "الصَّحِيْحَيْنِ"بِأَنْ ... يَرْوِي أَحَادِيثَ كِتَابٍ حَيْثُ عَنْ
لا مِنْ طَرِيقِ مَنْ إِلَيْهِ عَمَدَا ... مُجْتَمِعًا فِي شَيْخِهِ فَصَاعِدَا
فَرُبَّمَا تَفَاوَتَتْ مَعْنىً وَفِي ... لَفْظٍ كَثِيرًا فَاجْتَنِبْ أَنْ تُضِفِ
إِلَيْهَمَا وَمَنْ عَزَا أَرَادَا ... بِذَلِكَ الأَصْلَ وَمَا أَجَادَا
وأما المختصرات، كمختصر الزبيديّ لصحيح البخاريّ، ومختصر المنذريّ لصحيح مسلم، ومختصر القرطبيّ له، فإنها بخلاف ذلك؛ لأن أصحابها ينقلون فيها ألفاظهما، من غير زيادة ولا تغيير، فلك أن تنقل منها، وتعزو ذلك للصحيح، ولو باللفظ، ومثل ذلك الجمع بين "الصحيحين" للإمام عبد الحقّ الإشبيليّ.
وأما الجمع لأبي عبد الله الحميدي الأندلسي، ففيه زيادة ألفاظ، وتتمات على "الصحيحين" بلا تمييز، قال ابن الصلاح: وذلك موجود فيه كثيرا، فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن "الصحيح"، وهو مخطئ لكونه زيادة ليست فيه. قال العراقي: وهذا مما أنكر على الحميدي؛ لأنه جمع بين كتابين، فمن أين تأتي الزيادة، قال: واقتضى كلام ابن الصلاح أن الزيادات التي تقع في كتاب الحميدي لها حكم الصحيح، وليس كذلك؛ لأنه ما رواها بسنده كالمستخرج، ولا ذكر أنه يزيد ألفاظا، واشترط فيها الصحة حتى يُقَلَّد في ذلك.
وقد تعقّب الحافظ اعتراض العراقيّ هذا، بأن الحميدي قد أشار إلى ما يبطل ما اعتَرَضَ به عليه إجمالا وتفصيلا، أما إجمالا فقال في خطبة "الجمع": وربما زدت زيادات، من تتمات، وشرح لبعض ألفاظ الحديث، ونحو ذلك، وقفت عليها في كتب من اعتنى بالصحيح، كالإسماعيلي، والْبَرْقَاني، وأما تفصيلا فعلى قسمين: جلي، وخفي، أما الجلي فيسوق الحديث، ثم يقول في أثنائه: إلى هنا انتهت رواية البخاري، ومن هنا زاده البرقاني، وأما الخفي فإنه يسوق الحديث كاملا أصلا وزيادة، ثم يقول: أما من أوله إلى موضع كذا، فرواه فلان، وما عداه زاده فلان، أو يقول: لفظة كذا زادها فلان، ونحو ذلك. انتهى.
فائدة مهمة: اعلم أنه إذا كان الحديث في "الصحيحين"، أو في أحدهما لا