ينبغي عزوه إلى غيرهما، إلا أن يقرن بهما، أو بأحدهما، وإلى هذا أشار بعضهم بقوله:
قَاعِدَةٌ أَسَّسَهَا الأَعْلَامُ ... وَمَنْ حَذَا خِلَافَهَا يُلَامُ
إِذَا الْحَدِيثُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" يَرِدْ ... أَوْ كَانَ فِي أَحَدِ ذَيْنِ قَدْ وُجِدْ
فَعَزْوُهُ لِمَا سِوَاهُمَا غَلَطْ ... إِلَّا إِذَا بِعَزْوِ ذَيْنِ يُرْتَبَطْ (١)
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
تنبيه آخر: أشار الشيخ أبو عمرو في كلامه السابق إلى بعض فوائد المستخرجات، فذكر منها ثلاث فوائد:
الأولى: علوّ الإسناد. الثانية: زيادة قوّة الحديث بكثرة طرقه. الثالثة: زيادة ألفاظ صحيحة مفيدة. ونزيد على هذا ما ذكره العلماء من بقية فوائد المستخرجات، فمنها، وهي:
الرابعة: تبيين المبهم، كحدثنا رجلٌ. الخامسة: تبيين المهمل، كحدّثني محمد، وكان في مشايخه محمدون، فيبينه المستخرِج. السادسة: بيان سماع المدلّس، كأن يكون في "الصحيح" عن المدلّس بـ "عن"، فيبينه المستخرج بتصريحه بالسماع. السابعة: بيان سماع الراوي من المختلطين، كأن يروي في "الصحيح" عن المختلط، ولم يبين هل سمعه الراوي منه قبل الاختلاط، أم بعده؟ فيبينه المستخرج، إما تصريحًا، وإما بأن يرويه عن طريق من لم يسمع منه إلا قبل الاختلاط. الثامنة: زوال أيّ علّة أُعلّ بها حديث في "الصحيح"، بأن يذكره المستخرِج بدون تلك العلّة. التاسعة: عدالة من أُخرج له فيه؛ لأن الْمستخرج على شرط "الصحيح" يلزمه أن لا يُخرج إلا عن ثقة عنده. العاشرة: ما يقع فيها من التمييز للمتن المحال به على المتن المحال عليه، وذلك كثير في مسلم جدّا، فإنه يخرج الحديث على لفظ بعض الرواة، ويُحيل باقي ألفاظ الرواة على ذلك اللفظ الذي يورده (٢).
وقد نظمت هذه الفوائد بقولي:
يَا طَالِبًا فَوَائِدَ الْمُسْتَخْرَجِ ... فَاسْمَعْ لأَبْيَاتٍ بُعَيْدَ ذَا تَجِي
أَوَّلُهَا صِحَّةُ مَا يُزَادَ، مِنْ ... لَفْظٍ وَثَانِيهَا عُلُوٌّ فَاسْتَبِنْ
(١) انظر "رفع الأستار" للشيخ حسن محمد مشّاط ص ٣٣.
(٢) راجع شرحي "إسعاف ذوي الوطر على ألفية الأثر" ١/ ٥٧ - ٥٩.