بإجماع العلماء. انتهى (١).
وقال النوويّ رحمه الله تعالى بعدما ذكر كلام عياض: ما نصّه: وكذا قاله غيره من أصحابنا وغيرهم، فنقلوا الاتفاق على أنه لا يُغَيَّر بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع، وليس هذا الذي ذكرناه مخالفا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من رآني في المنام، فقد رآني"، فإن معنى الحديث: أن رؤيته صحيحة، وليست من أضغاث الأحلام، وتلبيس الشيطان، ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعيّ به؛ لأن حالة النوم ليست حالة ضبط، وتحقيق لما يسمعه الرائي. وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته، أن يكون متيقظا، لا مُغَفَّلًا، ولا سيء الحفظ، ولا كثير الخطأ، ولا مختل الضبط، والنائمُ ليس بهذه الصفة، فلم تقبل روايته؛ لاختلال ضبطه. هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة، أما إذا رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمره بفعل ما هو مندوب إليه، أو ينهاه عن منهيّ عنه، أو يرشده إلى فعل مصلحة، فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه؛ لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام، بل بما تقرر من أصل ذلك الشيء. انتهى (٢). وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمه اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
٨٧ - (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: اكْتُبْ عَنْ بَقِيَّةَ مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ، وَلَا تَكْتُبْ عَنْهُ مَا رَوَى عَنْ غَيْرِ الْمَعْرُوفِينَ، وَلَا تَكْتُبْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ).
رجال هذا الإسناد: اثنان:
١ - (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ) أبو محمد الحافظ المشهور، صاحب "المسند"، تقدّم في ٤/ ٢٧.
٢ - (زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ) بن زُرَيق بن إسماعيل، ويقال: ابن عدي بن الصّلت بن بِسْطام التيمي، أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد.
رَوَى عن أبي إسحاق الفزاري، وابن المبارك وعبيد الله بن عمرو الرَّقّيّ، وغيرهم. وعنه إسحاق بن راهويه، والبخاري في غير "الجامع"، وعبد الله بن أبي شيبة، وعبد الله الدارمي، وابن نمير، وغيرهم.
قال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين: لا بأس به. وقال ابن الجنيد: قيل
(١) "إكمال المعلم" ١/ ١٥٣.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ١١٥.