عن عروة وعمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-. وقيل ذلك عن الأوزاعي، وتابعهم ابن جريج، والزُّبَيديّ، والأوزاعي، ومعمر، وزياد بن سعد، وابن أخي الزهري، وعبد الرحمن بن نَمِر، ومحمد بن أبي حفصة، وسفيان بن حسين، وعبد الله بن بُدَيل، وغيرهم، فرووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، لم يذكروا فيه عمرة، ويشبه أن يكون القول قولهم؛ لكثرة عددهم، واتفاقهم على خلاف مالك.
وقد رواه أنس بن عياض أبو ضمرة، عن عبيد الله بن عمر، عن الزهري، فوافق مالكًا، ولا نعلم أحدًا تابع أبا ضمرة على هذه الرواية، عن عبيد الله. والله أعلم. انتهى كلام الدارقطني رحمه الله.
قال ابن رُشيد: قلت -والله المرشد-: والصحيح عندي في هذا الحديث أنه عند ابن شهاب عن عروة وعمرة معًا، ولاشك أنه عند عروة مسموع من عائشة -رضي الله عنها-، كما بينه البخاري من طريق ابن جريج، حيث قال: أخبرتني عائشة -رضي الله عنها-، ويؤيد ذلك أن مالكًا رضوان الله عليه، قد اختُلف عليه في هذا الحديث كما نبينه، فروايته فيه مضطربة.
قال الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ: هكذا قال مالك في هذا الحديث: عن ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-، كذلك رواه عنه جمهور رواة "الموطإ"، قال: وممن رواه كذلك فيما ذكر الدارقطني مَعْن بن عيسى، والقعنبي، وابن القاسم، وأبو المصعب، وابن بُكير، ويحيى بن يحيى -يعني النيسابوري- وإسحاق بن الطباع، وأبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي، ورَوْح بن عبادة، وأحمد بن إسماعيل، وخالد بن مخلد، وبشر بن عمر الزهرانيّ.
قال ابن رُشيد: وذكر أبو عيسى الترمذي عن مالك خلاف ذلك، فإذا كان الأمر هكذا، فيُرجَع إلى الاعتماد على رواية الليث، فإنها فيما علمت لم تضطرب، ولم يُختَلَف عليه، وقد بَيّنَ ذلك الإمام أبو عيسى الترمذي في "جامعه"، فشفى وكفى، يرحمه الله، فقال: حدّثنا أبو مصعب المدني قراءةً، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عروة، وعمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف أدنى إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، هكذا روى غير واحد عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-. وروى بعضهم عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-، والصحيح: عن عروة وعمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-. وهكذا روى الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-، نا بذلك قتيبة، عن الليث. انتهى كلام أبي عيسى، حاكما بأن الصحيح عن عروة وعمرة، وقاضيًا في ظاهر الأمر بأن قول مالك الموافق للجماعة أولى من قوله