إيضاح الشرح التفصيليّ:
(وَهَذَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ) -بفتح النون، وسكون الهاء- هو: عبد الرَّحمن بن مهديّ بن ملّ بتثليث الميم، وتشديد اللام، مخضرم ثقة ثبتٌ عابد، مشهور بكنيته، مات سنة (٩٥) وقيل: بعدها، وعاش (١٣٠) سنة، وقيل: أكثر. وقد تقدّمت ترجمته في ٢/ ٩.
(وَأَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ) هو: نفيع الصائغ، أبو رافع المدني، نزيل البصرة، مولى ابنة عمر بن الخطاب، وقيل: مولى بنت العجماء، أدرك الجاهلية، وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وحفصة بنت عمر، -رضي الله عنهم-. وروى عنه ابنه عبد الرَّحمن، والحسن البصري، وحميد بن هلال، وغيرهم.
ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل البصرة، وقال: خرج من المدينة قديما، وكان ثقة. وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، من كبار التابعين. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. وقال حماد بن سلمة عن ثابت: لَمّا أُعتق أبو رافع بكى، وقال: كان لي أجران، فذهب أحدهما. وصحح الدارقطني أن اسمه قتيبة، وقال: وهو ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن عبد البر في الصحابة: لا أقف على نسبه، وهو مشهور من علماء التابعين، أدرك الجاهلية. وروى إبراهيم الحربي في "غريبه" من طريق أبي رافع، قال: كان عمر يمازحني، حتى يقول: أكذب الناس الصائغ، يقول: اليوم، وغدا. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (١٧) حديثًا.
(وَهُمَا) أي أبو عثمان، وأبو رافع (مِمّنْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ) قال النوويّ في "شرحه": معناه: كانا رجلين قبل بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والجاهليّة ما قبل بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سُمُّوا بذلك لكثرة جهالاتهم. انتهى (١).
وقال ابن منظور رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الجاهليّة، هي زمن الفترة التي كانت قبل بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. ويقال: كان ذلك في الجاهليّة الجهلاء، وهو توكيد للأول، يُشتقّ له من اسمه ما يؤكّد به، كما يقال: وَتِدٌ واتِدٌ، وهَمَجٌ هامجٌ، وليلةٌ ليلاءُ، ويومٌ أيوم. قاله في "اللسان" (٢).
وفي حديث أبي ذرّ -رضي الله عنه- في "صحيح البخاريّ" قال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنك امرؤ فيك جاهليّة". قال ابن الأثير رَحِمَهُ اللهُ تعالى: هي الحال التي كانت العرب عليها قبل الإسلام،
(١) "شرح مسلم" ١/ ١٣٩.
(٢) "لسان العرب" ١١/ ١٣٠.