"صحيح مسلم" وغيره من طرق أخرى، ويثبت اتصاله من طريق الليث في "صحيح البخاري" والحمد لله.
الحديث الثامن
أخرج مسلم رحمهُ اللهُ في "كتاب المساقاة" حديثا، ذكر المازري أنه من الأحاديث الأربعة عشر المقطوعة في "صحيح مسلم"، وهو قوله:
وحدثني بعض أصحابنا عن عمرو بن عون، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن عمرو ابن يحيى، عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن أبي معمر، أحد بني عدي بن كعب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر بمثل حديث سليمان بن بلال، عن يحيى.
وهذا نص حديث سليمان بن بلال المذكور: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان -يعني ابن بلال- عن يحيى -وهو ابن سعيد- قال: كان سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من احتكر فهو خاطىء"، فقيل لسعيد: فإنك تحتكر؟ قال سعيد: إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر.
ثم رواه مسلم في "صحيحه" كذلك عن الثقات من طريق أخرى متصلة.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (١)، فتبين بذلك صحة الحديث من هذه الطرق في "صحيح مسلم"، وغيره. وقال القاضي عياض: ليس هذا من باب المقطوع، وقد تكلمنا على ذلك بما يكفي (٢).
الحديث التاسع
أخرج مسلم رحمهُ اللهُ في "صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-": وحُدثت عن أبي أسامة، وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة، حدثني بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله عزَّ وجلَّ إذا أراد رحمة أمة من عباده، قَبَضَ نبيه قبلها، فجعله لها فَرَطًا وسلفا بين يديها، وإذا أراد هَلَكَة أمة، عذبها ونبيها حي، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها، حين كذبوه، وعصوا أمره".
وهذا الحديث أخرجه الحافظ أبو عوانة في كتابه الموسوم بـ "المسند الصحيح
(١) أخرجه أبو داود في "البيوع" رقم ٣٤٤٧ والترمذيّ في "البيوع" ١٢٦٧ وابن ماجه في "التجارات" ٢١٥٤.
(٢) قال النووي: لا يضرّ هذا بصحة الحديث؛ لأنه أتى به متابعة بعد ذكره من طرق متصلة برواية من سماهم من الثقات. انتهى "شرح مسلم" ١١/ ٤٤.