المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج"، كما أخرجه البزار في مسنده، كلاهما من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري.
وعندما ذكر أبو علي الغساني حديث الباب في "تقييد المهمل" قال: فقد وصل لنا هذا الحديثَ أبو القاسم حاتم بن محمد، قال: حدثنا أبو سعيد السِّجْزِي بمكة قال: حدثنا أبو أحمد الجلودي، قال: حدثنا أبو عبد الله، محمد بن المسيب الأرغياني، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة بهذا الحديث.
قلت: ولا يسلم لهم تسميته بالمقطوع فهو مسند أُبهِم أحد رواته على أنه تبين اتصال سنده في غير "صحيح مسلم" من طرق متعددة صحيحة.
وقوله: "فجعله لها فرطا وسلفًا" قال عياض: و"الفَرَط" -بفتح الفاء والراء الذي يتقدم الواردة، فيُهَيِّئ لهم ما يحتاجون إليه، والسلف يُطلق على الخير المتقدم، أو على من تقدمك من الآباء والأقارب.
الحديث العاشر
قال مسلم رحمهُ اللهُ في آخر "كتاب فضائل الصحابة": حدثنا محمد بن رافع، وعبد بن حميد، قال محمد بن رافع: حدثنا وقال عبد: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله، وأبو بكر بن سليمان، أن عبد الله بن عمر، قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم، قام، فقال: "أرأيتكم ليلتكم هذه؟ ، فإن على رأس مائة سنة منها، لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد"، قال ابن عمر: فَوَهَلَ الناس في مقالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد"، يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. ثم قال مسلم: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، ثم قال: ورواه الليث، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، كلاهما عن الزهري بإسناد معمر كمثل حديثه.
فإذا انقطعت طريق الليث، عن عبد الرحمن عند مسلم في هذا الحديث، فقد بقيت طريق أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، سالمة متصلة؛ لأن كل واحد منهما يرويه عن الزهري، وعبد الرحمن بن خالد ليس من شرط الإمام مسلم (١) فلا لزوم عليه في الإخراج له، على أن طريق الليث، عن عبد الرحمن بن خالد التي أوردها مسلم
(١) قال في "تهذيب التهذيب" ٦/ ١٦٦: استشهد به مسلم في حديث واحد: "أرأيتكم ليلتكم هذه ... " الحديث. قلت: في قوله: "في حديث واحد" نظر، إذ سيأتي له حديث آخر، وهو الحديث الثاني عشر. فتنبّه.