وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، وابن أبي عمر، واللفظ لأبي كريب، قالوا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: جاء رجل إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني أُبدع بي، فاحملني، فقال: "ما عندي"، فقال رجل: يا رسول الله أنا أدله على من يحمله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (١).
والثاني: هو ما أخرجه مسلم أيضًا في "كتاب الجهاد"، فقال:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: جاء رجل بناقة مخطومة، فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة، كلها مخطومة" (٢).
وقد روى أبو عمرو عن أبي مسعود -رضي الله عنه- أيضًا حديثًا ثالثًا، أخرجه ابن ماجه في "سننه"، فقال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أسود بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المستشار مؤتمن" (٣).
قال الشيخ المعلّمي رَحِمَهُ اللهُ تعالى معلّقًا على ما اقتضاه كلام المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى من الانقطاع: ما نصّه: وكلها في فضائل الأعمال، وشواهد الأول من السنن الثابتة معروفة، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من سنّ سنة حسنةً، فله أجرها، وأجر من عمل بها". رواه مسلم. وقوله: "من دعا إلى هُدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه".
ودليل الثاني: قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ... } البقرة: ٢٦١.
وللثالث شواهدُ من حديث جابر، وابن عباس، وأبي هريرة -رضي الله عنهم-، ومعناه ثابت في العقول أن الإنسان لا يستشير على الحقيقة إلا من يأتمنه، فمن استشارك، فقد ائتمنك. انتهى كلام المعلّمي (٤).
(١) راجع "صحيح مسلم" ٦/ ٣٦٤ "كتاب الجهاد"، وأخرجه أبو داود ٥/ ١١٦ "كتاب الأدب"، "باب في الدالّ على الخير"، والترمذيّ ٥/ ٤١ "كتاب العلم"، "باب ما جاء الدالّ على الخير كفاعله".
(٢) راجع "صحيح مسلم" ٤/ ١١٣. والنسائيّ "المجتبى" ٦/ ٤٩ "كتاب الجهاد"، وأحمد في "مسنده" ٤/ ١٢١.
(٣) راجع "سنن ابن ماجه" ٢/ ١٢٢٣ رقم (٣٧٤٦).
(٤) راجع رسالته ص ٣٦٤ - ٣٦٥.