قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أراد الشيخ المعلّمي رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه على تقدير الانقطاع، فإن لها ما يثبتها من الشواهد.
وإنما قلت: على تقدير الانقطاع، نظرًا إلى مذهب الإمام مسلم رَحِمَهُ اللهُ تعالى، فإن شروط الاتصال عنده متوفّرة، كما لا يخفى ذلك على متأمل. والله تعالى أعلم بالصواب.
وأما حديثا أبي معمر، فأحدهما: هو ما أخرجه مسلم أيضًا في "صحيحه"، فقال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، وأبو معاوية، ووكيع، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير التيمي، عن أبي معمر، عن أبي مسعود، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: "استووا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنُّهَى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافا (١).
والثاني: هو ما أخرجه أصحاب "السنن"، وغيرهم، قال أبو داود رَحِمَهُ اللهُ تعالى:
حدثنا حفص بن عمر النَّمَريّ، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود البدري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود". وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قال الشيخ المعلّمي رَحِمَهُ اللهُ تعالى معلّقًا على حديثي أبي معمر المذكورين: ما نصّه: أما الحديث الأول فأخرج معه مسلم عدّة أحاديث صحيحة، تؤدّي معناه، فهو في حكم المتابعة، وأقرب تلك الشواهد من لفظه حديث النعمان بن بشير (٢)، فهو إذًا في معنى المتابعة.
وأما الحديث الثاني فلم يُخرجه مسلم، ولعلّ ذلك لأنه في حكم مختلف فيه، ولم يجد له شاهدًا صريحًا صحيحًا. ومن شواهده حديث المسيء صلاته، وفيه
(١) راجع "صحيح مسلم" في "الصلاة" ٤/ ١٥٤ - ١٥٥ بنسخة "شرح النوويّ". وأخرجه أبو داود في "الصلاة" ١/ ١٨٠ والنسائيّ ٣/ ٤٢٢ "كتاب الإمامة"، وابن ماجه ١/ ٣١٢ "كتاب إقامة الصلاة" وأحمد في "المسند" ٤/ ١٢٢. وغيرهم.
(٢) هو ما أخرجه مسلم من طريق سماك بن حرب، قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوفنا، حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يومًا، فقام، حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: "عباد الله لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم".