إن لم يكن المثل من الصلاة كسجود تلاوة لم يجزئه.
أما مأموم علم أو شك قبل ركوعه وبعد ركوع إمامه أنه ترك الفاتحة فيقرؤها ويسعى خلفه، وبعد ركوعهما لم يعد إلى القيام لقراءته الفاتحة بل يتبع إمامه ويصلي ركعة بعد سلام الامام.
(فرع) (سن دخول صلاة بنشاط) لانه تعالى ذم تاركيه بقوله: * (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) *
ــ
أخذا بالأسوأ أي بالأحوط.
فلو تيقن ترك شئ من الأركان وجوز أنه سجدة أو سجدتان، أخذ بالأحوط وجعله سجدتين.
وهكذا.
(قوله: وبنى على ما فعله) أي وبنى صلاته على ما أتى به من الأركان.
فإن كان في حالة سجوده مثلا جوز أن المتروك الفاتحة، قام وأتى بها وبنى صلاته عليها، أي تمم صلاته بانيا على الفاتحة بأن يركع ويعتدل.
وهكذا.
(قوله: وتدارك الباقي) معطوف على أجزأه.
أي أجزأه ذلك المثل وتدارك الباقي من صلاته لأنه ألغى ما بينهما.
ويسن أن يسجد للسهو آخرها لأن ما أبطل عمده يسجد لسهوه.
(قوله: نعم، الخ) إستدراك على قوله: أجزأه.
أي محل الإجزاء بالمثل عن المتروك إن كان ذلك المثل من الصلاة.
فإن لم يكن من الصلاة، كأن ترك السجدة الأخيرة وقام وقرأ آية السجدة وسجد، فإنه لا يجزئه سجود التلاوة عن المتروك لأنه ليس مما تشمله الصلاة.
وقوله: لم يجزئه أي سجود التلاوة عن المتروك.
(قوله: أما المأموم الخ) مقابل قوله فيما تقدم غير مأموم.
والتفصيل الذي ذكره فيه مخصوص بما إذا كان المتروك الفاتحة، أما إذا كان غيرها من بقية الأركان فلا يتأتى فيه بل يتابع الإمام فيما هو فيه ويأتي بعد سلامه بركعة، كما مر التنبيه عليه.
(قوله: فيقرؤها) أي يتخلف لقراءتها، ويغتفر له ثلاثة أركان طويلة كما سيأتي.
(قوله: وبعد ركوعهما) أي وإذا علم أو شك في ذلك بعد ركوعه وركوع إمامه.
وقوله: لم يعد بفتح الياء من عاد، وهو جواب الشرط المقدر.
(قوله: فرع: سن دخول صلاة إلخ) قال حجة الإسلام الغزالي: واعلم أن تخصيص الصلاة من الشوائب والعلل، وإخلاصها لله تعالى، وأداءها بالشروط الظاهرة والباطنة من خشوع وغيره، سبب لحصول أنوار القلب، وتلك الأنوار مفاتيح علوم المكاشفة.
فأولياء الله المكاشفون بملكوت السموات والأرض وأسرار الربوبية إنما يكاشفون في الصلاة، لا سيما في السجود، إذ يتقرب العبد من ربه عزوجل بالسجود.
ولذلك قال تعالى: * (واسجد واقترب) * فليحذر الإنسان مما يفسدها ويحبطها، فإنها إذا فسدت فسدت جميع الأعمال، إذ هي كالرأس للجسد.
وورد أنها عرس الموحدين، لأنه يجتمع فيها أنواع العبادة، كما أن العرس يجتمع فيه أنواع الطعام.
فإذا صلى العبد ركعتين يقول الله: عبدي، مع ضعفك أتيتني بألوان العبادة قياما وركوعا وسجودا وقراءة وتحميدا وتهليلا وتكبيرا وسلاما، فأنا مع جلالتي وعظمتي لا يجمل مني أن أمنعك جنة فيها ألوان النعيم.
أوجبت لك الجنة بنعيمها كما عبدتني بألوان العبادة، وأكرمك برؤيتي كما عرفتني بالوحدانية.
فإني لطيف أقبل عذرك وأقبل الخير منك برحمتي، فإني أجد من أعذبه من الكفار وأنت لا تجد إلها غيري يغفر سيئاتك.
عندي لك بكل ركعة قصر في الجنة وحوراء، وبكل سجدة نظرة إلى وجهي.
وهذا لا يكون إلا لمن أخلص فيها لله وحده.
اه.
قال بعض العارفين: ينبغي لمن أراد الصلاة الكاملة أن يستعد لها قبل دخول الوقت بالوضوء، وإذا دخل الوقت
صلى السنة الراتبة، لأن العبد ربما تشعب باطنه وتفرق همه - من نحو المخالطة وأمر المعاش - فتحصل له كدورة.
فإذا قدم السنة زال ذلك، ثم يجدد التوبة عند الفريضة من كل ذنب عمله، ومن الذنوب عامة وخاصة، ويستقبل القبلة بظاهره والحضرة الإلهية بباطنه، ويقرأ قل أعوذ برب الناس، ثم يرفع يديه ويستحضر في تحرمه عظمة الإله وكبرياءه، ويعلم أن معنى أكبر أنه أكبر من أن يتعاظمه شئ أو يكون في جنب عظمته، وليس معناه أنه أكبر مما سواه من المخلوقين إذ ليس له مشابه.