البر بالبر، ولا الشعير بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد أي مقابضة.
قال الرافعي: ومن لازمه الحلول - أي غالبا - فيبطل بيع الربوي بجنسه جزافا، أو مع ظن مماثلة، وإن خرجتا سواء (و) شرط في بيع أحدهما (بغير جنسه) واتحدا في علة الربا - كبر بشعير، وذهب بفضة.
(حلول، وتقابض) قبل تفرق - لا مماثلة - فيبطل بيع
ــ
وقس على ذلك بقية صور الصفة، وهي: ما لو باع درهما صحيحا، ودرهما مكسرا بصحيحين، أو مكسرين، وكانت قيمة الصحيح أعلى، أو أقل، أو مساوية.
وفي صور التساوي ما علمت من الصحة.
قال في التحفة: وليتفطن هنا لدقيقة يغفل عنها، وهي أنه يبطل - كما عرف مما تقرر - بيع دينار مثلا فيه ذهب وفضة بمثله أو بأحدهما، ولو خالصا - وإن قل الخليط - لأنه يؤثر في الوزن مطلقا.
فإن فرض عدم تأثيره فيه، ولم يظهر به تفاوت في القيمة: صح البيع.
اه.
ومثله بيع فضة مغشوشة بمثلها أو بخالصة، فلا يصح.
فإن فرض أن الغش قدر لا
يظهر في الوزن: صح البيع.
ومنه يؤخذ امتناع بيع الفضة بالفضة المتعامل بها الآن، لاشتمالها على النحاس المؤثر في الوزن.
ويؤخذ أيضا منه بطلان ما عمت به البلوى من دفع دينار مغربي مثلا وعليه تمام ما يبلغ به دينارا جديدا من فضة أو فلوس وأخذ دينار جديد بدله.
ولهذا قال بعضهم: لو قال لصيرفي: اصرف لي بنصف هذا الدرهم فضة، وبالنصف الآخر فلوسا: جاز، لأنه جعل نصفا في مقابلة الفضة، ونصفا في مقابلة الفلوس بخلاف ما لو قال: اصرف لي بهذا الدرهم نصف فضة، ونصف فلوس: لا يجوز، لأنه إذا قسط عليهما ذلك: احتمل التفاضل، وكان من صور مد عجوة ودرهم.
اه.
(قوله: وذلك إلخ) أي ما ذكر: من اشتراط الشروط الثلاثة في بيع الربوي بجنسه: ثابت، لقوله - صلى الله عليه وسلم - إلخ.
(وقوله: " لا تبيعوا الذهب " إلخ) ذكر في الحديث ستة أشياء، إثنين من النقد، وأربعة من المطعومات.
والأولان لا يقاس عليهما - لعدم تعدي علتهما - كما سيأتي.
والأربعة الأخيرة يقاس عليها ما وجد علتها فيه، وهي تنقسم - من حيث العلة - ثلاثة أقسام، لأن البر والشعير مطعومان، والتمر متأدم به، والملح مصلح.
(وقوله: ولا الورق) بكسر الراء، الفضة.
(وقوله: إلا سواء بسواء) سواء الأول: حال، والثاني مع جاره متعلق بمحذوف صفة.
أي سواء مقابلا بسواء، أي لا تبيعوا ذلك إلا حال كونهما متساويين.
ومثله يقال فيما بعده.
(قوله: عينا بعين) أي حالين.
(وقوله: يدا بيد) أي متقابضين قبضا حقيقيا قبل التفرق من المجلس.
(قوله: فإذا اختلفت هذه الأصناف) أي الربوية واتحدت علة الربا - كبر بشعير - والدليل على هذا القيد: الإجماع.
وخرج بذلك، ما لو باع برا بنقد، فلا يشترط التقابض والحلول، لعدم اتحاد العلة - إذ هي في الأول، الطعمية، وفي الثاني النقدية.
(وقوله: فبيعوا كيف شئتم) أي إذا أردتم بيع شئ منها بآخر فبيعوا كيف شئتم.
أي متماثلا، ومتفاوتا.
(قوله: إذا كان يدا بيد) كان: تامة، وفاعلها ضمير مستتر، يعود على البيع.
ويدا بيد: حال من الضمير المستتر.
أي إذا وجد بيع الأصناف المختلفة حال كونه يدا بيد، أي مقابضة.
(قوله: ومن لازمه) أي التقابض، الحلول: أي فوجد شرطا بيع الربوي بغير جنسه، وهما: التقابض والحلول.
(وقوله: أي غالبا) أي أن كون لازم التقابض الحلول، باعتبار الغالب، ومن غير الغالب: قد يحصل التقابض قبل التفرق، مع كون العقد مشروطا فيه تأجيل أحد العوضين إلى لحظة مثلا.
(قوله: فيبطل بيع الربوي إلخ) محترز كون المماثلة يقينا.
وقوله جزافا - بتثليث الجيم - وهو ما لم يقدر بكيل ولا وزن - كبيع صبرة من بر بصبرة من جنسها، فإن ذلك لا يصح.
(قوله: أو مع ظن مماثلة) يغني عنه قوله جزافا، إذ هو صادق بظن المماثلة، وهو ساقط من عبارة التحفة وفتح الجواد وغيرهما، فالأولى إسقاطه.
(قوله:
وإن خرجتا سواء) المناسب: وإن خرجا - بإسقاط التاء - إذ ألف التثنية تعود على مذكر، وهو الربوي ومقابله من غير جنسه.
وهو غاية للبطلان، أي يبطل بيع ما ذكر جزافا، وإن خرجا سواء للجهل بالمماثلة حالة العقد.
(قوله: وشرط في بيع أحدهما) أي المطعوم والنقد.
(وقوله: بغير جنسه) متعلق ببيع.
(قوله: واتحد) أي ذلك الأحد ومقابله.
(قوله: في علة الربا) هي الطعم والنقدية - كما تقدم -.
(قوله: كبر بشعير وذهب بفضة) الأول: مثال لبيع المطعوم بغير جنسه مع