الربوي بغير جنسه إن لم يقبضا في المجلس، بل يحرم البيع في الصورتين إن اختل شرط من الشروط.
واتفقوا على أنه من الكبائر، لورود اللعن لآكل الربا، وموكله، وكاتبه.
وعلم بما تقرر أنه لو بيع طعام بغيره كنقد، أو ثوب، أو غير طعام بطعام: لم يشترط شئ من الثلاثة.
(و) شرط (في بيع موصوف في ذمة) ويقال له السلم، مع الشروط المذكورة للبيع غير الرؤية.
(قبض
ــ
الاتحاد في العلة.
والثاني: لبيع النقد بغير جنسه مع الاتحاد في ذلك.
(قوله: حلول إلخ) نائب فاعل شرط.
(قوله: قبل تفرق) أي من مجلس العقد، والظرف تنازعه كل من حلول وتقابض.
(قوله: لا مماثلة) أي لا يشترط مماثلة، لقوله في الحديث المار: فبيعوا كيف شئتم.
(قوله: فيبطل بيع الربوي إلخ) مفرع على مفهوم الشرط الثاني.
وقوله إلى لم يقبضها: أي أو لم يكونا حالين.
وكان عليه أن يصرح به لأنه مفهوم الشرط الأول.
(قوله: بل يحرم) إضراب إنتقالي، لا إبطالي.
والمناسب: عدم الإضراب، وإبدال بل بواو الاستئناف.
وقوله في الصورتين: هما بيع الربوي بجنسه، وبيعه بغير جنسه.
وكان المناسب أن يقول: في ذلك كله.
(قوله: واتفقوا على أنه من الكبائر) أي أن البيع في الصورتين المختل فيهما شرط من الشروط السابقة: من الكبائر، بل من أكبر الكبائر - كما في التحفة - وذلك لأنه ربا، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه.
قيل: ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصيا بالحرب: غير آكله.
قال تعالى: * (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * (١) ومن ثم قيل: إنه علامة على سوء الخاتمة - كإيذاء أولياء الله تعالى -.
قال في الإيعاب: ولقد وقع لي أني رجعت من مصر إلى بلدنا لصلة الرحم في حدود الثلاثين وتسعمائة، فكنت في عشر رمضان الأخير أزور قبر والدي كل يوم بعد الصبح، ففي يوم أنا جالس أقرأ على قبره، وإذا بصوت فزع يأتيني من بعد، فتبعته إلى أن رأيته خارجا من قبر مبني مجصص، وهو يقول: آه آه - مفسرة - قوقفت ساعة، ثم رجعت، فسألت عن صاحب ذلك القبر، فقيل لي: فلان - لرجل أعرفه، صاحب ثروة، كان لا يفارق المسجد، ولا يتكلم بسوء قط - فزاد العجب فيه، ثم بالغت في السؤال عنه، فقيل: إنه كان يأكل الربا.
اه.
قال في النهاية: وظاهر الأخبار هنا أنه أعظم إثما من الزنا والسرقة وشرب الخمر.
لكن أفتى الوالد بخلافه، وتحريمه تعبدي.
وما أبدي له - أي من كونه يؤدي للتضييق ونحوه - إنما يصلح حكمة، لا علة.
اه.
بزيادة.
(قوله: لآكل الربا) هو متناوله بأي وجه كان، واعترض بأنه إن أراد بالربا المعنى اللغوي - وهو الزيادة - فلا يصح، لقصوره على ربا الفضل.
وأيضا يقتضي أن اللعن على آكل الزيادة فقط، دون باقي العوض.
وإن أريد بالربا العقد، فغير ظاهر، لأنه لا معنى لأكل العقد وأجيب باختيار الثاني، وهو على تقدير مضاف، والتقدير: آكل متعلق الربا، وهو العوض.
اه.
بجيرمي.
(قوله: وموكله) هو الدافع للزيادة.
(قوله: وكاتبه) أي الذي يكتب الوثيقة بين المرابين، وأسقط من الحديث: الشاهد، وكان عليه أن يصرح به.
(قوله: وعلم بما تقرر) أي من أنه يشترط لبيع الربوي بجنسه، أو بغيره مع الاتحاد في العلة، ما مر من الشروط.
(وقوله: أنه لو بيع طعام إلخ) أي لو بيع ربوي بغير جنسه ولم يتحدا في العلة - كبيع طعام بنقد، أو بثوب، أو بيع عروض بنقد، أو غير ذلك - لم يشترط شئ من هذه الثلاثة، أي التماثل، والحلول، والتقابض.
(قوله: وشرط في بيع إلخ) لما أنهى الكلام على بيع الأعيان، شرع في بيع الذمم.
والأصل فيه: قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) * (٢) الآية - نزلت في السلم -.
وخبر الصحيحين.
من أسلف في شئ، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم.
(وقوله: موصوف) صفة لمحذوف، أي شئ موصوف بما يبين قدره وجنسه وصفته.
(وقوله: في الذمة) متعلق بمحذوف صفة ثانية لذلك
(١) سورة البقرة، الاية: ٢٧٩.
(٢) سورة البقرة، الاية: ٢٨٢.