فأمسك الناس عنها قال يزيد: للحُزْن الذي هم فيه، فقال العبّاس بن عبد المطّلب: أيّها الناس إنّ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد مات فأكلنا بعده وشربنا، ومات أبو بكر فأكلنا بعده وشربنا. قال عفّان وسليمان: وإنّه لا بُدّ من الأجَل فكُلوا من هذا الطعام. ثمّ مدّ العبّاس يده فأكل، ومدّ النّاس أيديَهم فأكلوا، فعرفتُ قولَ عمرَ إنّهم رءوس الناس (١).
قال: أخبرنا المُعلّى بن أسد قال: حدّثنا وهيب عن داود بن أبي هند عن عامر أنّ العبّاس تَحَفّى (٢) عمرَ في بعض الأمر فقال له: يا أمير المؤمنين، أرأيتَ أن لو جاءك عمّ موسى مُسْلِمًا ما كُنْتَ صانعًا به؟ قال: كنتُ والله مُحْسنًا إليه، قال: فأنا عمّ محمّد النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، قال: وما رَابَكَ (٣) يا أبا الفضل؟ فوالله لأبوك أحبّ إليّ من أبي، قال: آلله؟ قال: آلله (٤)، لأنّي كنتُ أعلم أنّه أحبّ إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من أبى فأنا أُوثرُ حُبّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على حُبّي (٥).
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن الحسن قال: بَقيَ في بيت مال عمر شيء بعدما قُسِمَ بين الناس فقال العبّاس لعمر وللناس: أرأيتم لو كان فيكم عمّ موسى أكنتم تُكرِمونه؟ قالوا: نعم، قال: فأنا أحقّ به، أنا عمّ نبيّكم، - صلى الله عليه وسلم -. فكلّم عمرُ الناسَ فأعطوه تلك البقيّة التي بقيت (٦).
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا زُهير بن معاوية عن لَيْث قال: حدّثني مجاهد عن عليّ بن عبد الله بن عبّاس قال: أعتق العبّاس عند موته سبعين مملوكًا (٧).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا خالد بن القاسم البياضي قال: أخبرني شُعْبة مولى ابن عبّاس قال: سمعتُ ابن عبّاس يقول: كان العبّاس معتدل القناة وكان يُخْبِرنا عن عبد المطّلب أَنّه مات وهو أعدل قناة منه.
(١) تاريخ ابن عساكر ص ١٩٨.
(٢) تحفى عمر: سأل عمر وهو يظهر المحبة والبر.
(٣) في متن ل "وما رأيُكَ" وبهامشها: قراءة دى خويه "ما رَابَك" وقد آثرت قراءته اعتمادًا على رواية ث.
(٤) في طبعة ليدن "قال: الله الله لأني. . ." والمثبت رواية ث.
(٥) تاريخ ابن عساكر ص ١٩١.
(٦) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٩٥.
(٧) المصدر السابق.