أهلكتني يابن رَوَاحة. قال: فخرجَ على ذلك فلم يكن شيء، حتى أَقبلَ أبو الدرداءِ إلى منزلِه فدخل فوجد المرأةَ قاعدةً تبكي شَفَقًا مِنهُ. فقال: ما شأنك؟ فقالت: أخوك عبد الله بن رواحة دخل إلَيّ فَصَنعَ مَا ترى، فَغَضِبَ غَضَبًا شديدًا ثم فَكَّر في نَفْسِهِ فقال: لو كانَ عندَهُ خيرٌ لدفع عن نفسه، فانطلق حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعهُ ابن رَوَاحة، فأسْلَم.
أخبرنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن خَيْثَمة، عن أبي الدَّرْدَاء، قال: كنت تاجرًا قبل أن يُبْعَثَ محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلما بُعثَ محمد - صلى الله عليه وسلم - زاولتُ التجارةَ والعِبَادَةَ فلم تجتمعا، فَأخذتُ العبادة وتركتُ التجارة.
أخبرنا عبدُ الوهَّاب بن عطاء، قال: أخبرني أبو سِنَان، عن بعض أصحابه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخَى بين أبي الدرداءِ وبين عَوفِ بن مالكِ الأشجعيِّ.
قال محمد بن عمر: ويُقال إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين أبي الدَّرْدَاءِ وسلمانَ الفارِسيّ. وَنَظَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي الدَّرْدَاءِ والناسُ منهزمون كلُ وجهٍ يَومَ أُحدٍ، فقال: نعمَ الفارِسُ عُويمِر غَيرَ أُفَّةٍ، يعني: غير ثقيل.
قال محمد بن عمر: وقد سمعت من يَذكر أن أبا الدرداءِ لم يشهد أحدًا، وقد كان من عِلْيةِ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأهل النيَّةِ منهم، وقد حدّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرةً، وشهد معه مَشَاهِدَ كثيرةً.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا معاويةُ بن صالح، عن ربيعة بن زيد، عن أبي الدَّرْداء، أنه كان إذا حَدّثَ الحديثَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم إن لمْ يكن هكذا فَشِبْهُهُ، فَشَكْلُهُ (*).
أخبرنا موسى بن مسعود النَّهْدِيّ، قال: حدثنا عِكرمَةُ بن عمّار، عن أبي قُدامة محمد بن عُبيد الحنفي، عن أُمّ الدَّرْدَاءِ، قالت: كان لأبي الدرداء ستونَ وثلاثمائة خليل في الله. يدعُو لهم في الصلاةِ. قالت أم الدرداء فقلتُ لهُ في ذلك فقال: إنه ليس رجل يدعو لأخيهِ في الغيبِ إلا وَكَّلَ الله به مَلَكَينِ يقولان ولك بِمِثلٍ، أفلا أرغبُ أن تَدْعُو لي الملائكَةُ! (١).
(١) انظره لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٥١.