عليه وزجروه عن السّبْى فقال: والله لأقتلنّهم وغيرهم، يعرّض ببعض المهاجرين، فلم يزل عمرو بن العاص يرفق به حتى دفع إليه سيفه فأتاه سعد فأخذ كلّ واحدٍ منهما برأس صاحبه يتناصيان حتى حجز بينهما الناسُ، فأقبل عثمان وذلك في الثلاثة الأيّام الشورى قبل أن يبايع له حتى أخذ برأس عبيد الله بن عمر وأخذ عبيد الله برأسه، ثمّ حُجز بينهما. وأظلمت الأرض يومئذ على الناس فعظم ذلك في صدور الناس وأشفقوا أن تكون عقوبة حين قتل عبيد الله جُفينة والهُرْمُزان وابنة أبى لؤلؤة (١).
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى موسى بن يعقوب، عن أبى وَجْزة، عن أبيه قال: رأيتُ عبيد الله يومئذٍ وإنّه ليناصى عثمان وإن عثمان ليقول: قتلك الله قتلتَ رجلًا يصلّى وصبيّة صغيرة وآخر من (٢) ذمّة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ما في الحقّ تَرْكك. قال فعجبتُ لعثمان حين ولىَ كيف تركه، ولكن عرفتُ أنّ عمرو بن العاص كان دخل في ذلك فَلَفَتَه عن (٣) رأيه.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنى عبد الله بن جعفر، عن ابن أبى عون، عن عمران بن مَنَّاح، قال: جعل سعد بن أبى وقّاص يُنَاصى عبيدَ الله بن عمر حين قَتَلَ الهُرْمُزان وابنةَ أبى لؤلؤة، وجعل سعد يقول وهو يُنَاصِيه:
لا أُسْدَ إلّا أنْتَ تَنْهِتُ واحِدًا … وغالتْ أسودَ الأرض عنك الغوائلُ
والشعر لكلاب بن عِلاط أخى الحجّاج بن عِلاط، فقال عبيد الله:
تَعَلّمُ أنّى لَحْمُ ما لا تُسيغُهُ … فكُلْ من خَشاشِ الأرْضِ ما كنتَ آكلا
فجاء عمرو بن العاص فلم يزل يكلّم عبيد الله ويرفق به حتى أخذ سيفه منه وحُبس في السجن حتّى أطلقه عثمان حين وَلىَ (٤).
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا عُتْبة بن جُبيرة، عن عاصم بن عمر بن
(١) تاريخ دمشق ج ٤٤ ص ٣٤٩، وأسد الغابة ج ٣ ص ٥٢٧.
(٢) لدى ابن عساكر وهو ينقل عن ابن سعد "في".
(٣) أورده ابن عساكر في تاريخه ج ٤٤ ص ٣٥٤ من طريق ابن سعد.
(٤) أورده ابن عساكر في تاريخه ج ٤٤ ص ٣٥٥ من طريق ابن سعد.