تدع شيئا مما تحتاج إليه فإني متحفظ عليكما جميع ما يجري بينكما وشاهد عليكما"، فقلت له: "جزاك الله عني يا أمير المؤمنين خاصة وعن رعيتك عامة أفضل الجزاء فقد جلست منا اليوم مجلس الإمام العادل أحسنت إلي حين رأيتني جزعا فسكنت روعتي وآنست وحشتي وبسطت لساني بحجتي وتابعت الحق حين ظهر لك ودافعت وانتصرت له وشهدت لي بثبات الحجة، ودفعت أهل الباطل حين زهق واضمحل، وبانت فضيحته، وشهدت على بطلانه، وأنصفت في مجلسك، وكان ذلك كله منك بتوفيق الله تعالى وتأييده إياك فله الحمد والشكر على ما أولاك وأولى رعيتك فيك يجزيك الله أفضل ما جازى أحدا من الأئمة عن رعيته".
فقال لي المأمون: "قد أبلغت يا عبد العزيز في القول والشكر ولك الزيادة مما ابتدأناك به، فارجع إلى مسألة بشر (واسأله) عما تريد".
قال عبد العزيز: فأقبلت على بشر فقلت: "أخبرني عمن زعم إن بعض بني آدم خلقوا الملائكة من دون الله تعالى أمؤمن هو أم كافر؟ قال: بل كافر حلال الدم. فقلت: وأنا أقول هكذا أيضا. قلت: أخبرني عمن زعم إن بعض بني آدم خلقوا لله شركاء أمؤمن أم كافر؟ قال: بل كافر حلال الدم. قلت: وهكذا أقول أنا أيضا".
قال عبد العزيز: فأقبلت على المأمون فقلت: "يا أمير المؤمنين قد أقر بشر إنه كافر حلال الدم، وكل من قال بقوله ووافقه على مذهبه، وعلمت إني قد أخطأت، وأطرق المأمون إطراق مغضب، نظر إليه بشر فقال: يا أمير المؤمنين أطال الله بقاءك لم يكفرنا ويحل دماءنا بحضرتك وفي مجلسك بلا حجة ظهرت، وإنما سبب ذلك ليقول هذا".
قال عبد العزيز: "فقلت له: قد شهد عليك أمير المؤمنين بما قلت. فقال لي المأمون: لقد افحشت القول وأعظمته واستشهدتني على ما لم أسمعه ولم أشهد على بشر به ولا على أحد يقول بقوله".
قال عبد العزيز: "يا أمير المؤمنين اسمع قولي فإن "كنت " قلت حقا وإن بشرا قد كفر نفسه ومن قال بمقالته وأحل دمه ودماءهم وانتزعت على كل حرف من كلامي بآية من كتاب الله عز وجل، وإلاّ فدمي حلال وليأمر أمير المؤمنين بضرب عنقي الساعة على رؤوس الأشهاد وإن أتيت على ما قلت ولفظت به بنص