"وَقَالَ آخَرُ":
يَا أَيُّهَا الْمُتَحَلِّي غَيْرَ شِيمَتِهِ ... وَمَنْ خَلِيقَتُهُ الْإِقْصَادُ١ وَالْمَلَقُ
ارْجِعْ إِلَى خُلْقِكَ الْمَعْرُوفِ دَيْدَنُهُ ... إِنَّ التَّخَلُّقَ يَأْبَى٢ دُونَهُ الْخُلُقُ
وَقَالَ آخَرُ:
كُلُّ امْرِئٍ رَاجِعٌ يَوْمًا لِشِيمَتِهِ ... وَإِنْ تَخَلَّقَ أَخْلَاقًا إِلَى حِينِ
"وَأَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ":
لَا تصحبن امْرَءًا عَلَى حَسَبٍ ... إِنِّي رَأَيْتُ الْأَحْسَابَ قد دُخِلَتْ٣
مَالك مِنْ أَنْ يُقَالَ إِنَّ لَهُ ... أَبًا كَرِيمًا فِي أُمَّةٍ سَلَفَتْ
بَلْ فَاصْحَبْنَهُ عَلَى طَبَائِعِهِ ... فَكُلُّ نَفْسٍ تَجْرِي كَمَا طُبِعَتْ
وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} ٤.
وَقَالَ تَعَالَى: {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} ٥.
النَّاسُ يَقْتَدُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ:
وَكَانَ النَّاسُ يَأْتَسُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقْتَدُونَ بِهَدْيِهِ وَشَكْلِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} ٦.
فَلَوْ تَرَكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرِيقَ الطَّلَاقَةِ وَالْهَشَاشَةِ وَالدَّمَاثَةِ، إِلَى الْقُطُوبِ وَالْعُبُوسِ وَالزَّمَاتَةِ٧ أَخَذَ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ بِذَلِكَ، عَلَى مَا فِي مُخَالَفَةِ الْغَرِيزَةِ مِنَ الْمَشَقَّةِ والعناء.
١ كَذَا وَجَدْنَاهُ بالأصول، وَلَعَلَّ الصَّحِيح: الْإِفْسَاد.
٢ وبالدمشقية: يَأْبَى من الإباء: وَهُوَ الِامْتِنَاع، وَفِي نسختين: يَأْتِي، وَالْأولَى أصح.
٣ دُخلت: أَصبَحت مدخولة أَي مطعون بهَا.
٤ الْآيَة: ١٩ من سُورَة المعارج.
٥ الْآيَة: ٣٧ من سُورَة الْأَنْبِيَاء.
٦ الْآيَة: ٢١ من سُورَة الْأَحْزَاب.
٧ الزماتة: أَي الوقر، والزميت: الوقور. "الْقَامُوس الْمُحِيط ص١٩٥".